الحرب الأهلية اللبنانية من عام 1975 إلى 1990 فعلت أكثر من تدمير البلد — جعلت من المستحيل إعادة بنائه مرة أخرى. فقد تم تدمير المؤسسات، وتم تطبيع الفساد، والأهم من ذلك، صعد جيل من رجال الميليشيات إلى السلطة لم يبالون بالوحدة.
تم تهميش مؤسسي لبنان — هؤلاء الرجال الشجعان (لأنهم للأسف كانوا جميعًا رجالاً) الذين شكلوا البلاد على أساس الاستقلال والتسامح والاعتدال — ولم يعودوا أبداً.
وفي مكانهم تبادل نفس رجال الميليشيات الذين قاتلوا بعضهم البعض لأكثر من عقد السيف بالبدلة وتعلموا أن يطلقوا على بعضهم البعض رجال دولة. ولكن الملابس لا تصنع الشخص، وغالبيتهم لم يتغيروا قيد أنملة. إنهم يطالبون بحصتهم من الكعكة ويبقون سادتهم الأجانب سعداء لكنهم لا يفعلون شيئًا لمساعدة البلاد على التطور بشكل مستقل.
منذ عام 2005، أصبح حزب الله الحزب الأحدث الذي تحول من ميليشيا إلى شبه رجال دولة، مع تقديم اتفاقيات الدوحة لعام 2008 لهم مقعدًا على الطاولة الرئيسية. وفي العام الماضي شهدنا لاعبًا جديدًا على الأرض — السلفيين والتابعين للقاعدة — يسعون للحصول على النفوذ. قد يكون من السهل تجاهلهم ولكن لا تخطئ؛ فهم قوة صاعدة ويبحثون عن حصتهم. من الواضح أن أي اتفاق عالمي بشأن سوريا، الذي سيؤثر على لبنان، سيشملهم.
بالنسبة لأولئك المعتدلين الذين نجوا من الحرب الأهلية، فقد كان شتاءً بارداً حيث سيطر حكم السلاح. لقد تم عزلنا وتجاهلنا؛ مدانين بالخيانة لرفضنا الولاء لقوة أجنبية أو أخرى.
ولكن قد نكون بصدد رؤية أولى علامات الربيع. أطلق رجل الأعمال البارز فريد شهاب وآخرون مشروع بلو جولد، الذي يهدف إلى استعادة موارد المياه الهائلة والعميقة التسييس لصالح الشعب اللبناني. وفي العملية يهدفون إلى رعاية مجتمع مدني قوي ومستقل يضع البلد أولاً.
خططهم جريئة، حالمة قد يقول البعض، وبلا شك معيبة. لكنهم يستحقون الثناء. يجب على المجتمع المدني مطالبة بالمستحيل، حتى إن كان فقط لإجبار السياسيين على التحرك.
حكم السلاح لا يدوم أبداً. في يوم من الأيام سنسترد بلادنا، وعندما نفعل نحتاج إلى مجتمع مدني قوي ليساعدنا على التقدم.