لبنان بلد القوى المتعارضة، وتلك الأوقات النادرة التي حظي فيها بالاستقرار والازدهار كانت عندما اتُزِنَت تلك القوى. تحقيق ذلك هو عملية بعيدة عن البساطة — اجمع الحقائق الجيوسياسية المتغيرة لجيراننا، التأثيرات الأجنبية الموجودة في البلاد والعديد من المصالح السياسية الداخلية والانتماءات الطائفية، وستفهم المهمة التي أمامنا.
سعى نجيب ميقاتي إلى هذا التوازن. في دعم مثل تمويل المحكمة الخاصة بلبنان التابعة للأمم المتحدة، دافع عن أولويات تحالف 14 آذار ضمن حكومة وزراء 8 آذار. ولكن عندما رفضت الحكومة تمديد ولاية رئيس قوى الأمن الداخلي أشرف ريفي، لم توفر له منصبه كرئيس للوزراء الأدوات اللازمة للحفاظ على هذا التوازن؛ ولذلك، استقال.
فشلت الحكومة في إصلاح أي جانب من جوانب البنية التحتية العامة سواء كان ذلك في الكهرباء أو المياه أو الاتصالات. أي مكاسب كانت مجزأة. علاوة على ذلك، تم تجنب المهمة الصعبة ولكن الضرورية للغاية لإصلاح الإدارة. وقدمت المناقشة حول سلم الرواتب في القطاع العام فرصة لمواجهة التحديات الكبيرة. لكنها ضاعت.
كان لدى هذه الحكومة فرصة لإظهار التزامها بازدهار لبنان. على سبيل المثال، سوف يستفيد الجميع من تنفيذ نظام نقل عام يعمل بشكل صحيح من خلال تقليل أوقات التنقل، وتخفيف مستويات التلوث والإحباط، وكذلك زيادة إنتاجية العاملين اللبنانيين.
ماذا فعلت الحكومة بدلاً من ذلك؟ أعلن وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي عن شراء 250 حافلة، ولكن دون وجود خطة تعالج أي من التحديات الكثيرة التي تسببت في فشل الجهود السابقة للنقل الجماعي وأصبحت مكلفة، وفي الوقت نفسه أغلق جوانب من الصفقة في الغموض، مما أثار شبح الفساد والرشاوى.
تخيل لو لم تكن الدولة عقبة في طريق شعبها، كيف يمكن للبنانيين أن ينجحوا؟ يمكن للمرء أن ينظر فقط إلى نيويورك. تحافظ المدينة على التوازن الضروري بين المصالح المتنافسة وتخلق أنظمة تعزز النجاح والكفاءة. إنها مثال على كيفية ازدهار أبناء وبنات لبنان عندما يُوضعون في بيئة تتيح لهم القيام بذلك.
الأخبار السارة هي أنه، على الرغم من كل الصعاب، لا يزال لبنان ينتج وبشكل معجزة هؤلاء الأشخاص الموهوبين، ويحقق نتائج تتجاوز وزنه في ولادة الإمكانيات. يمكن للمرء أن يأمل فقط أن يتحقق يومّا الإمكانات الكاملة لهؤلاء اللبنانيين في الوطن.