كان شهر سبتمبر شهرًا صامتًا. لعدة أيام متتالية، جلس اللبنانيون متسمّرين أمام شاشات التلفزيون منتظرين الضربة الأمريكية المحتملة ضد سوريا. بدت الحياة اليومية بالكاد ذات صلة في وجه التهديد الوشيك والخوف من كيف يمكن لمثل هذه الخطوة أن تقلب المنطقة رأساً على عقب.
كان الجزء الأسوأ هو معرفة أن القرار الذي سيؤثر علينا بعمق ليس لنا أن نتخذه. بينما كان الذين في موسكو وواشنطن ولندن وبكين يناقشون مستقبلنا، كنا عاجزين عن القيام بأي شيء سوى الجلوس بصمت والانتظار.
في النهاية، تم التوصل إلى اتفاق يسمح لجميع الأطراف بالانسحاب مدعية الانتصار، لكن هذا الشعور بالعجز تسلل إلى المجتمع اللبناني بطرق كثيرة. خذ مثلاً النفط والغاز البحري للبلاد، الذي من المحتمل أن يغير البلاد تغييراً جذرياً. سواء أكان سيحقق المجتمع الصحي والغني الذي نريد رؤيته أم سيقودنا إلى مزيد من الانهيار نحو دولة فاشلة يعتمد بشكل كبير على سياسيينا.
العديد من الإشارات مقلقة. السياسة تتسلل — التأخيرات التي حدثت في الشهر الماضي هي نتيجة لوضع المصالح السياسية قبل مصلحة البلاد. يبدو أن جميع الأطراف تتزاحم لتحقيق موقعها، وتسعى للحصول على حصتها.
هذا أمر كارثي محتمل. اقتصادنا بالفعل مسيَّس لدرجة أنه يفشل في العمل. إذا انتشرت هذه الأمور إلى النفط والغاز، فإن النتيجة التراكمية ستكون هدر الثروة تحت الأرضية للبلاد. هذا ليس مجرد توقع بل قائم على عقود من الأدلة من مختلف أنحاء العالم.
ومع ذلك، لم نكن في الشوارع نطالب سياسيينا بترك مصالحهم والتفكير في البلد. لسنا نقوم بحملات من أجل الشفافية الحقيقية والصدق في هذا القطاع الأكثر أهمية.
والأسوأ من ذلك، أن جزءًا منا قد قبل بالفعل أنه لا يوجد شيء يمكننا القيام به — سيتفاوض السياسيون على صفقة يحصل فيها الجميع على نصيبهم، باستثناء الناس. نشعر بالعجز التام.
هذا غير كافٍ. يجب أن نعمل معاً لضمان أن يتوقف السياسيون عن محاولة الحصول على حصتهم الخاصة، منفعتهم الصغيرة الخاصة. يجب أن نجعلهم خائفين منا لدرجة أنهم لا يستطيعون إلا أن يكونوا صادقين. والأهم من ذلك كله، يجب أن نطالبهم بأن يعترفوا بأن هذه الموارد هي لنا وليست لهم.