Home الاقتصاد والسياسةالزيادات في الرواتب وحدها ليست كافية

الزيادات في الرواتب وحدها ليست كافية

by Georges Pierre Sassine

 

وصل اقتراح الحكومة بزيادة سلم الأجور إلى طريق مسدود حيث يدور الجدل حول كيفية تمويل زيادة الرواتب، سواء من خلال رفع الضرائب أو من خلال قنوات أخرى. ومع ذلك، هذا ليس السؤال الصحيح. السؤال الأساسي هو: كيف نحسن نوعية الحياة للمواطنين اللبنانيين؟ 

لن تكون زيادة الرواتب كافية لتحسين قدرتنا الشرائية. إذا زادت رواتب موظفي القطاع العام، فإن أسعار الأساسيات من الطعام إلى الإيجار ستزداد أيضًا — مما يجعل التحسن الصافي في مستويات المعيشة ضئيلاً. يجب على الحكومة التركيز ليس فقط على زيادة الدخل ولكن أيضًا على إدارة التكاليف المتزايدة للمعيشة. ومع ذلك، يوجد حل في متناول الحكومة. وسيتطلب ذلك مجموعة من المبادرات السياسية التي تغير بشكل جذري توازن العرض والطلب داخل السوق، وزيادة المنافسة والسيطرة على التضخم. 

على سبيل المثال، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في لبنان بأكثر من 66 في المائة في السنوات الست الماضية ومن المتوقع أن تتصاعد أكثر. ويرجع ارتفاع أسعار المواد الغذائية جزئيًا إلى تعرض البلاد الكبير لأسعار الطعام الدولية، حيث يستورد لبنان أكثر من 80 في المائة من المواد الغذائية التي يستهلكها. جزء من الحل يتمثل في تقليل تعرض لبنان للأسواق الغذائية الدولية وتوسيع الإنتاج الزراعي المحلي. تشمل التدابير المحددة تحفيز البنوك والقطاع الخاص للاستثمار في قطاع الزراعة اللبناني، وإجراء تحول استراتيجي من الممارسات الزراعية التقليدية والعائد المنخفض إلى منتجات أقل استهلاكًا للمياه وأكثر اقتصاديًا، وتعزيز اتفاقيات التجارة الثنائية والإقليمية لتحسين قدرة القطاع الزراعي اللبناني التنافسية. 

ارتفعت أسعار البنزين أيضًا لتكاد تتضاعف في السنوات الست الماضية. حوالي 22 في المائة من سعر البنزين يعود إلى الضرائب الحكومية. يمكن تخفيض هذه الرسوم إذا تم تأمين مصادر بديلة للخزينة. يعكس 67 في المائة من سعر البنزين سعر شراء الوقود في الأسواق الدولية. لا يمكن للحكومة أن تسيطر على أسعار الوقود الدولية ولكن يمكنها تبني إستراتيجية عامة واضحة لعملية الشراء ومتى يتم ذلك من أجل تقليل الزيادات السعرية والتقلبات. كما تشمل التدابير الأخرى تقليل استهلاك النفط من خلال تشجيع السيارات الأكثر كفاءة والمعايير الوقودية، وتطوير نظام نقل أكثر كفاءة. 

ازدادت أسعار المساكن والعقارات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما جعل من غير الممكن للعديد من اللبنانيين العيش في بيروت والمدن الكبيرة الأخرى. حاليًا، يتم تأجير 45 في المائة من المنازل في بيروت بموجب القانون القديم للإيجار، مما يسبب نقصًا في الأراضي المتاحة للتطوير العقاري. يمكن للإصلاح التدريجي والعادل لقانون الإيجارات، الذي يحمي الأسر ذات الدخل المنخفض، أن يخفف من نقص الأراضي ويضيف حوالي 2 مليون متر مكعب من العقارات الجديدة المناسبة للتطوير. من المرجح أن يؤدي ذلك إلى تثبيت وانخفاض أسعار المساكن في المدى المتوسط.

لقد كانت الاستثمارات المحلية والأجنبية تتسبب أيضًا في الزيادات في أسعار الإسكان والبناء في لبنان. أسفر الاستقرار النسبي لاقتصاد لبنان بعد الأزمة المالية العالمية في 2008 عن تدفق رأس المال إلى الاستثمارات ذات المخاطر الأقل والأطوال الأجل في العقارات اللبنانية. هذا يجعل تنظيم الإيرادات الناتجة عن المعاملات العقارية ضرورة، بما في ذلك مراجعة الضرائب على العقارات. 

وقد جَاء الكثير من هذه الاستثمارات من جيوب دول الخليج المملوءة. أحد الطرق للحفاظ على الاستثمار الأجنبي والسيطرة على تأثيره التضخمي يتضمن تعديل قوانين الملكية الأجنبية. وفقًا للنظام المعتمد في إنجلترا، يمكن تعديل الملكية الأجنبية من نظام “ملكية العقارات” إلى نظام “ملكية التأجير”; أو من خلال إعادة هيكلة رسوم التسجيل،     والتي تميز بين اللبنانيين والأجانب.

أصبحت بيروت واحدة من أغلى المدن في العالم، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين اللبنانيين بحوالي 40 في المائة منذ 2005. مناقشة زيادات الرواتب لن تكون كافية. ينبغي على الحكومة اللبنانية أن تطور رؤية شاملة لتحسين جودة حياة مواطنيها، بما في ذلك مراجعة سياسات الزراعة والطاقة والعقارات والضرائب.                      

 

جورج بيير ساسين حاصل على درجة الماجستير في السياسة العامة من كلية جون إف كينيدي للحكومة بجامعة هارفارد. يكتب عن قضايا السياسة العامة في لبنان على موقع www.georgessassine.com

You may also like