بينما يواصل السياسيون اللبنانيون عقد الصفقات في الغرف المغلقة بشأن الرئيس المقبل للبلاد، من المفيد النظر في آراء ربما المجموعة الأكثر نسيانًا في البلاد — مواطنوها.
مجلة إيجزيكوتيف، بالتعاون مع وكالة الاستطلاعات إبسوس، أجرت استطلاعاً شمل 1501 مواطن من جميع أنحاء البلاد حول الشخص الذي يرغبون في رؤيته في قصر بعبدا بحلول نهاية هذا الشهر. كان الهدف هو الحصول على فهم أعمق لأحلامهم وتوقعاتهم لرئيس الجمهورية، وخاصة من يعتقدون أنه سيكون المرشح الأفضل لقيادة البلاد في أوقات صعبة من الناحية الاقتصادية والسياسية.
ولعل من غير المفاجئ في بلد مستقطب بشدة، كان هناك قليل من الإجماع: الأسماء التي ذُكرت أكثر من 30 شخصية مارونية — بحكم العرف الطائفة الوحيدة المسموح لها بالرئاسة. ومع ذلك، عندما طُلب منهم “أي شخصية مارونية تفضل أن تكون الرئيس المقبل للجمهورية اللبنانية؟” كان الجواب الأكثر شيوعًا هو “لا أعلم.”
كان هناك نقطة اتفاق بشأن الانتماء السياسي للرئيس المستقبلي. ما يقرب من ثلاثة أرباع المستجيبين يريدون رئيسًا مستقلاً؛ فقط 16 بالمئة و11 بالمئة قالوا إنهم يفضلون رئيسًا من 8 آذار أو 14 آذار على التوالي.
إلى جانب ذلك، كانت هناك مواضيع أخرى يمكن الكشف عنها من الاستطلاع. أولها هو أنه من أجل الديمقراطية اللبنانية، يجب أن يكون هناك رئيس جديد بحلول الموعد النهائي في 25 مايو. فقط 3 بالمئة من المجيبين قالوا إنهم يفضلون تمديد ولاية الرئيس ميشال سليمان إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول ذلك التاريخ. بينما قال 63 بالمئة إن الانتخابات يجب أن تُجرى في جميع الأحوال، قال 34 بالمئة إنهم يفضلون التوصل إلى توافق شامل على مرشح.
وبالمثل، كان هناك اعتقاد مشترك بأن للرئيس تأثير قوي على ثروات الاقتصاد في البلاد. يرى ما يقرب من أربعة من كل خمسة لبنانيين الرئيس المستقبلي كشخص ذو تأثير مهم على الاقتصاد. ثم طُلب من الذين أجابوا بالإيجاب ما إذا كانوا يشعرون بأن الرئيس يؤثر على الاقتصاد بشكل مباشر، غير مباشر، أم كلاهما. كان هذا سؤالًا مهمًا لأنه لا يوجد سوى إجابة صحيحة واحدة: بموجب القانون والممارسة، خاصة منذ اتفاق الطائف الذي حول السلطة من مكتب الرئيس إلى رئيس الوزراء، ليس للرئيس تأثير مباشر على الاقتصاد؛ إذ أن تأثيره غير مباشر فقط.
أغلبية أجابوا عن السؤال بشكل خاطئ: 72 بالمئة من 1,184 شخص سئلوا أجابوا إما “مباشرة” أو “كلاهما.” فقط 337 مجيباً قدموا الإجابة الصحيحة.
تابع الاستطلاع بالسؤال: “ما هي الصفات التي يجب أن يتمتع بها الرئيس المستقبلي؟” كسؤال مفتوح. أربعة خصائص كانت بارزة: شخصية قوية، يعطي الأولوية للبنان، نزيه وحيادي. بالإضافة إلى هذه الصفات العامة، تضمنت معايير المستوى الثاني: الخبرة الاقتصادية، الاحترام، مهارات التفاوض، الخبرة السياسية ومستوى التعليم العالي.
عند مناقشة هذه القضية بمزيد من التفصيل، كان هناك عنصر من الإجماع بأنه سيكون هناك مرشح واحد سيكون الأفضل للاقتصاد — رياض سلامة. كان حاكم البنك المركزي هو المرشح الأكثر شعبية عندما سئل عن “من سيؤدي إلى تأثير اقتصادي إيجابي كرئيس؟”عند السؤال تحديدياً عن تأثير سلامة المحتمل على الاقتصاد إذا أصبح رئيسًا، قال 75 بالمئة من المستجيبين أنه سيكون له تأثير إيجابي عالي أو إيجابي نوعاً ما. بينما حصل وزير الداخلية السابق زياد بارود على 73 بالمئة، بينما كان جميع الآخرين بعيدين خلفهم. وحصل قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، وقائد التيار الوطني الحر ميشال عون، وقائد تيار المردة سليمان فرنجية على تقييمات إيجابية بنسبة 21 بالمئة، 43 بالمئة و52 بالمئة على التوالي.
الملحوظ أن عدد الأشخاص الذين يتوقعون أن يكون للرئيس المستقبلي تأثير سلبي على الاقتصاد أقل من 5 بالمئة لكل من سلامة وبارود. ولكن بخصوص توقعات السلبية، يحصل فرنجية على 22 بالمئة من أصوات عدم الثقة. ويُنظر إلى ثلاث شخصيات معروفة أخرى — عون، جعجع، وأمين الجميل — على أنه لديهم تأثير ضار أكبر على الاقتصاد، مع عدم الثقة بنسبة 32 بالمئة لعون، 50 بالمئة لجعجع، و39 بالمئة للجميل.
بالنسبة لمجموعة ثالثة من الأسماء، أبدى غالبية المُستجيبين أن هذه الشخصيات لن يكون لها “أي تأثير على الاقتصاد.” وصلت أصوات عدم تأثير إلى 62 بالمئة لجان عبيد، و75 بالمئة لجوزيف طربيه و84 بالمئة لروجيه ديب. الأخيرين ليس لهما حضور سياسي كبير ولكن لديهما خبرة مصرفية واستشارية؛ انتشار ردود عدم التأثير لأسمائهم يمكن أن يعني أنهم ليسوا معروفين بما يكفي للشعب لإصدار رأي واضح.
عند السؤال بشكل أعم عن من الذي سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد، اختار 23 بالمئة سلامة؛ نتيجة المركز الأول التي تؤكد تقدير الجمهور لمؤهلات الحاكم الاقتصادية. تبعه عون، بارود وفرنجية بنسب 18 بالمئة، 17 بالمئة و14 بالمئة على التوالي. لم يُذكر اسم آخر بنسبة تتجاوز 5 بالمئة.
عند الخوض في البيانات بعمق أكبر، أبدى المستجيبون الأكثر إطلاعًا، على الرغم من معرفتهم بأن للرئيس تأثير غير مباشر على الاقتصاد، تفضيلًا أقوى لرياض سلامة.
أكثر من ربع المستجيبين الذين أجابوا بشكل صحيح بأن تأثير الرئيس على الاقتصاد “غير مباشر” أظهروا تفضيلاً لسلامة — ومع ذلك، كان اسمه أيضًا الأكثر شيوعًا بين المواطنين الذين اعتقدوا بأن الرئيس يمكن أن يكون له تأثير مباشر، مع أكثر من واحد من كل خمسة ذكروا اسمه. بين هؤلاء المستجيبين، جاء عون في مرتبة ثانية قريبة، حيث ذكر بنسبة 19.5 بالمئة من الوقت. اعتبروا أن أولئك الذين لديهم فهم أفضل لصلاحيات الرئيس، ذُكر عون بشكل أقل بكثير من سلامة — 16 بالمئة من الوقت مقابل 25 بالمئة.
إذا كان من الممكن تعميم نتائج الاستطلاع على السكان اللبنانيين، فإن المواطنين يعرفون أن الرئيس حاسم للاقتصاد، حتى وإن لم يفهم الكثير منهم السبب. وبغض النظر عن هذه الفجوة المعرفية، يعتبر الناس رياض سلامة هو الأمل الأفضل للاقتصاد — فقط الأكثر إطلاعًا هم أكثر تأكيدًا من هذا.
منهجية اسستطلاع إبسوس
في مارس 2014، أجرت إبسوس، شركة أبحاث السوق العالمية التي مقرها باريس، استطلاعاً هاتفياً عشوائياً ومجهول الهوية لـ1501 مواطن لبناني لطلب رأيهم بشأن الرئيس المقبل للبنان. شمل الاستطلاع عينة ممثلة إحصائيًا للسكان اللبنانيين وفقأ لأفضل معرفة حالية (في غياب تعداد سكاني) بالتكوين الديموغرافي من حيث الجنس، التوزيع الجغرافي، العمر، الدين، التعليم والدخل. تم استبعاد الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، والأشخاص الذين يعملون في الإعلام، السياسة أو المجالات ذات الصلة من الاستطلاع.
إلى جانب البيانات الديموغرافية، حصلت إبسوس على إجابات لـ16 سؤالًا وسؤال فرعي واحد، وقامت بتحليل الردود تحت صيغة علمية ومجهولة.تم تقسيم الأسئلة إلى ثلاثة محاور:
1. المواقف العامة: بما في ذلك أهمية التوصل إلى قرار في جميع الظروف أو بالتوافق، وتفضيلات الانتماء السياسي والخلفية للرئيس.
2. تفضيل خاص: سمى المستجيبون رئيساً من اختيارهم دون أي تلميح أو اقتراح من المحاور قبل الانتقال لسؤال ما إذا كان المستجيبون يرون أن للرئيس نفوذ على الاقتصاد.
3. الصفات الرئيسية: تصورات المستجيبين حول الصفات اللازمة لتحقيق تأثير إيجابي على الاقتصاد ومن، في رأيهم وبدون تحفيز، سيحقق تأثيرًا إيجابيًا على الاقتصاد إذا تم انتخابه. في الختام، طُلِبَ من المستجيبين تقييم كل من تسع شخصيات حول التأثير الإيجابي أو السلبي الذي قد يكون لهم على الاقتصاد إذا تم انتخابهم رئيساً.
أظهر التحليل التفصيلي للردود حسب المنطقة، الدين والعمر بعض الاختلافات بين الردود ولكن أكد أن هناك تشابهات أكثر من الاختلافات في الآراء بين الفئات السكانية الرئيسية.