شهدت الساحة الريادية في لبنان نضوجًا في السنوات الأخيرة، كما يتضح من ظهور الشباب المتحمسين للغاية، ونمو صناعة رأس المال المغامر، وخلق مسرعات وبرامج لدعم تطوير الشركات الجديدة. بالرغم من هذه الإنجازات الجديرة بالثناء، فإن الشركات الناشئة في البلاد ما زالت تواجه العديد من التحديات.
في حين أن لبنان يوفر أرضية اختبار قوية للشركات الناشئة لتقييم جدوى الأعمال التجارية لمنتجاتها وخدماتها، إلا أن هذا يأتي مع مجموعة من التحديات الخاصة به: سوق صغيرة تفتقر إلى البنية التحتية المناسبة وتعاني منذ فترة طويلة من “نزيف العقول” الشهير.
بينما لا يوجد مسار مضمون للعظمة، ينبغي على رواد الأعمال الذين يتطلعون إلى بناء قصص نجاح الالتزام بأربعة مبادئ عامة. أولًا، يجب على المؤسسين بناء منتج أو خلق خدمة يحتاجها الناس. ينبغي عليهم طرح السؤال التالي: ما المشكلة التي يحلها هذا المنتج أو الخدمة؟ صفة مهمة يجب تبنيها لنجاح فكرة العمل هي أن تكون مركزة وبسيطة. تعتبر منهجية الشركة الناشئة الخفيفة وسيلة قيمة للبناء عليها، خاصةً في بلد لا يزال الوصول إلى التمويل فيه محدودًا مقارنة بالأسواق مثل سوق الولايات المتحدة. بدلاً من بناء منتج يشتمل على كل ميزة ممكنة، ينبغي على رواد الأعمال البدء بالحد الأدنى المطلوب للإطلاق وإضافة العروض فقط بعد أن يكتسب عملهم الزخم.
البناء من أجل التصدير
الركيزة الأساسية الثانية للنجاح هي بناء نموذج عمل قابل للتصدير، من أجل التحايل على صغر حجم السوق اللبناني وفرص نموه المحدودة. قد يتطلب توسيع الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو على الصعيد العالمي أحياناً فهماً عميقاً لآليات السوق الخاصة بكل بلد. بعبارة أخرى، تعتبر استراتيجية الذهاب إلى السوق في لبنان مختلفة تمامًا عن تلك الخاصة بالإمارات العربية المتحدة أو المملكة العربية السعودية. بالإضافة إلى تحديد استراتيجية التسويق المثلى، ربما يحتاج رواد الأعمال إلى تخصيص منتجاتهم لتلبية الاحتياجات الخاصة بكل بلد. على سبيل المثال، ستحتاج شركة التجارة الإلكترونية إلى تكييف عرض المنتجات مع الأسواق المحددة وفهم طريقة الدفع المفضلة في كل بلد، بالإضافة إلى معايير أخرى مثل اللوائح، وطرق الشحن، والجمارك عبر الأسواق.
ثالثًا، توظيف والحفاظ على الفريق المناسب يشكل تحديًا كبيرًا للشركات الناشئة بشكل عام، وخاصة تلك التي تعمل في لبنان. عادة ما يواجه مؤسسو الشركات الناشئة الذين هم في حاجة يائسة للموظفين ذوي الجودة صعوبات في الحفاظ على الأشخاص دون وجود هيكل موارده البشرية المناسب. حيث أن العمل في شركة أطلقت حديثًا عادة ما ينطوي على قبول تخفيض في الراتب، والعمل لساعات أطول والتعامل مع ضغوط يومية مكثفة، يجب على الشركات الناشئة إعداد هيكل خيارات الأسهم المناسب لإغراء الموظفين بالبقاء. ومع ذلك، في لبنان، تكاد تكون هذه الخطط غير موجودة، وإذا لم يتم عرض حصة في احتمال الارتفاع المستقبلي للشركة على أعضاء الفريق، فإن الاحتفاظ بالمواهب القيمة سيكون صعبًا.
الركيزة النهائية والأكثر حيوية لنجاح الشركات الناشئة هي فهم صارم لاحتياجات الشركة المالية وإدارة رأس المال بشكل محكم. يعتبر نقص رأس المال التشغيلي أحد الأسباب الرئيسية لفشل الشركات الناشئة في لبنان، وغالبًا ما يكون ذلك بسبب الإدارة غير الفعالة لرأس المال. يجب أن يصبح رواد الأعمال أكثر ذكاءً في الأمور المالية ويدركون تفاصيل إدارة الميزانية. معظم رواد الأعمال في لبنان يبدأون فقط عملية جمع الأموال عندما يكونون على وشك نفاد النقود، ويميلون إلى التقليل من الوقت الذي يستغرقه جمع الأموال – سواء كان ذلك من مستثمري رأس المال المخاطر أو البنوك أو مصادر أخرى. من الضروري أن يبدأ رواد الأعمال في جمع الأموال قبل ستة أشهر على الأقل من توقع نفاد الأموال.
بالرغم من التحديات العديدة التي تواجهها الشركات الناشئة في البلاد، فإن الآفاق لـ 2015 تبدو واعدة. مع تنفيذ مصرف لبنان لتعميم 331، يتاح حتى 400 مليون دولار للنظام البيئي للشركات الناشئة. وقد حفز ذلك إطلاق العديد من المبادرات الريادية لدعم المؤسسين. على الرغم من الدعم القوي، فإن نجاح الشركات الناشئة في لبنان يعتمد على التنفيذ الجيد.