في السنوات الخمس الماضية، جذب لبنان ما معدله 4.5 مليار دولار سنويًا من الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI). ولكن مع تراجع معدلات الاستثمار بسبب البيئة السياسية غير المؤكدة وانخفاض النمو الاقتصادي، يمكن للبنان الاستفادة من مصدر تمويل جديد يُسمى “سندات المغتربين”، وهي أدوات مالية تُباع فقط للجاليات المغتربة.
في عام 2012، أرسل المغتربون اللبنانيون أكثر من 7.6 مليار دولار إلى عائلاتهم، بهدف دعم والديهم وتمكين الأقارب من التعليم واستثمارات شخصية أخرى. يمكن زيادة تأثيرهم على التنمية في لبنان بشكل كبير إذا تم توجيه أجزاء من أموالهم إلى استثمارات محلية، مثل البنية التحتية والمدارس والمستشفيات.
يعيش ما بين 4 و15 مليون لبناني تقريبًا في الخارج، لذا إذا تمكن واحد من كل 10 أعضاء من الاستثمار بمبلغ 1,000 دولار فقط، يمكن أن يجمع لبنان أكثر من مليار دولار سنويًا. تجمع سندات المغتربين رأس المال من خلال توفير معدلات فائدة متميزة، وضمانات للإيداع وحوافز فريدة أخرى. قامت إسرائيل بجمع 31 مليار دولار عبر سندات المغتربين، وجمعت الهند أكثر من 11 مليار دولار. ومع ذلك، هناك أيضًا حالات فشل، مثل إثيوبيا، التي جمعت فقط 200,000 دولار.
عند دراسة الدروس المستفادة من البلدان الأخرى، يمكن ربط نجاح وفشل سندات المغتربين بثلاثة محركات رئيسية. الأول هو ملف الشبكة المغتربة للبلد، وحجمها وثروتها، ومدى تنظيمها وتصميمها لإمكانية الوصول إليها بسهولة. الثاني هو العلاقة بين المغتربين والحكومة في البلد الأم. والثالث هو الوطنية — الارتباط العاطفي بالوطن والهوية الوطنية.
يحرز لبنان نتائج مختلفة عبر هذه المقاييس. يتمتع بجالية مغتربة كبيرة وثرية نسبيًا مرتبطة بمختلف المنظمات السياسية والدينية والتجارية. ومع ذلك، قد تختلف علاقته مع الحكومة اللبنانية والشعور بالوطنية بشكل كبير. قد يرى الكثيرون أن الحكومة فاسدة ولا تتوفر سوى عدد قليل من المؤسسات الجديرة بالثقة. وبعض المجتمعات المغتربة، مثل السكان اللبنانيين المحليين، قد تكون منقسمة بسبب ضعف الهوية الوطنية.
يمكن للبنان أن يستفيد من إصدار سندات المغتربين فقط إذا تم تصميمها لتجاوز نقاط الضعف والعراقيل في البلاد. على سبيل المثال، فإن عدم الثقة في الحكومة اللبنانية الفاسدة سيؤثر سلبًا على رغبة المغتربين في الاستثمار في سندات المغتربين. لهذا السبب، يجب أن يتحدد دور الحكومة في وضع الرؤية العامة وخلق حوافز للقطاع الخاص لقيادة هذه المبادرة.
تتمثل إحدى الصعوبات الأخرى في الطبيعة المشتتة للمغتربين اللبنانيين، مما قد يكون من الصعب التعامل معهم. تكمن الحل في ضمان استفادة الاستثمارات المجتمع بأكمله دون تفضيل مناطق أو مجموعات دينية معينة. على سبيل المثال، مشاريع البنية التحتية الوطنية مثل سكة حديد تربط الشمال بالجنوب، أو مصافي لتطوير صناعة النفط والغاز في لبنان، مشاريع ممكن أن تجمع أكثر.
من أجل تعزيز صلة المغتربين بلبنان، فإن الأداة الأكثر فعالية التي تمتلكها الحكومة اللبنانية هي منح المغتربين حقوق التصويت وتشجيع المشاركة المدنية. تم تسجيل نحو 10,000 مغترب لبناني للتصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة. على الرغم من أن الإقبال المنخفض يعد خيبة أمل للكثيرين، إلا أن البعض يراه خطوة مهمة نحو مشاركة أكبر للمغتربين في المرة القادمة.
حتى ذلك الحين، يجب على لبنان أن يبدأ في وضع الأساس لإصدار سندات المغتربين. يجب أولاً جمع إحصاءات أفضل عن حجم وثروة وموقع مواطنيها في الخارج. كما يحتاج أيضًا إلى إنشاء مؤسسات تركز على الربط بين الحكومات والمغتربين من خلال وأبعد من السفارات والقنصليات. يحتاج إلى بناء تحالفات مع شبكات المغتربين بما في ذلك المنظمات المهنية مثل غرفة التجارة الأمريكية اللبنانية والمنظمات الأكاديمية بما في ذلك فصول خريجي الجامعات. كما يحتاج إلى بدء التفاوض مع الدول الأجنبية لمنح إعفاءات ضريبية للبنانيين الذين يستثمرون في سندات المغتربين، مما يتطلب تحديد المشاريع المحلية المناسبة لاستثمارها.
لا شك أن سندات المغتربين ستواجه عقبات في بلد مثل لبنان. ولكن مع التصميم الصحيح والإرادة السياسية لتنفيذها، يمكن للبنان أن يضع مغتربيه في مقدمة التنمية الاقتصادية والسياسية.
جورج بيير ساسين هو خبير في السياسة العامة ويحمل درجة الماجستير في السياسة العامة من جامعة هارفارد مدرسة الحكومة جون ف. كينيدي. وهو يكتب عن السياسة العامة في لبنان قضايا على www.georgessassine.com