Home الأسئلة والأجوبةالتقدم للأمام والخارج

التقدم للأمام والخارج

by Hadi Bou Chaaya

في الوقت الذي يشهد فيه لبنان أقسى الأزمات السياسية والاقتصادية وحتى الأمنية، ترفض طموحات رواد الأعمال في لبنان الاستسلام لهذا الواقع.

في هذا السياق، يشير أنطوني معلوف، رئيس ومدير تنفيذي لشركة ANT VENTURES العالمية ونائب رئيس جمعية الفرانشايز اللبنانية (LFA)، إلى عدد من العوامل التي كانت عائقاً أمام تقدم هذا القطاع، لكنه يعدد المبادرات التي تم اتخاذها لحمايته والحفاظ على رأس المال البشري. في رأيه، سيكون موسم الصيف واعدًا، غير مسبوق ومزدهرًا لأسباب وعوامل عدة.

لا شك أن قطاعات الضيافة والأغذية تعتمد على عوامل أساسية، أهمها السياحة التي هي عمادها والتي تأثرت لعدة عوامل سنذكرها خلال المقابلة. في البداية، ما هو تقييمك لواقع القطاع اليوم؟

الصعوبة كبيرة جدًا. كنت أقول بناءً على خبرتي، أن هذا النوع من الصناعات، خاصةً صناعتنا (تناول الطعام العرضي)، هي الأكثر قدرة على مقاومة التحديات والأسرع في التعافي. فعادة الناس أن يخرجوا لتناول القهوة أو المشروبات. لذا المشكلة الآن هي لمدة استمرار الأزمة. يحتاج رواد الأعمال إلى الصبر وأخذ نفس طويل، خاصةً مع تزايد الأزمات الصعبة والمعقدة. لا شك أن هذه الأزمة التي نعيشها اليوم هي الأصعب من بين جميع الأزمات لأسباب كثيرة.

إذا استمر الوضع على حاله وازداد التهديد بمزيد من الصعوبات، فهل سيضع هذا ضغوطًا إضافية عليكم كرؤساء أعمال وكملاك للشركات؟

في الواقع، يمكن تقسيم الأزمة إلى قسمين رئيسيين: جائحة COVID-19، التي أرهقت العالم كله ولبنان بالطبع، والأزمة الاقتصادية التي أصابت لبنان ولا تزال تستنزفه. مع بداية تراجع جائحة COVID-19، تعود الحركة تدريجيًا، خاصةً نتيجة امتلاكنا لمغامرة خارجية، وتحديدًا إقليمية. ولكن على المستوى المحلي، لا تزال الأزمة قائمة، خاصةً مع تراجع القدرة الشرائية.

ما هي أبرز العوامل السياسية والاقتصادية التي حالت دون تطوير القطاع إلى حد كبير؟

هناك العديد من العوامل السياسية والاقتصادية التي تعرقل تقدم جميع القطاعات الاقتصادية، خاصة قطاعنا الذي يعتمد بشكل كبير على السياحة ومواسمها المتعددة. لا شك أن غياب الاستقرار السياسي والأمني يلعب دورًا أساسيًا في عدم التقدم في القطاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى الغياب التام للدولة وغياب خطة عمل ورؤية متوسطة وطويلة الأمد لتقدم لبنان ووضعه على الطريق الصحيح لتحقيق الازدهار والنمو والنجاح. الجميع يعلم أن 70 بالمئة أو أكثر من المطاعم والمقاهي والمنشآت السياحية قد أغلقت نتيجة الأزمة التي بدأت قبل تظاهرات 17 أكتوبر 2019، وازدادت سوءًا بعد ذلك نظرًا لعدة عوامل. لكن بشكل خاص، وكوننا تابعين لجمعية الفرانشايز اللبنانية (LFA)، نعمل على مبدأ دفع الأزمة الداخلية إلى الخارج. هذا ما حدث خلال حرب يوليو 2006، عندما ذهب رجال الأعمال اللبنانيون لفتح أعمال بالخارج لحماية مصالحهم داخل لبنان. اليوم نحن خارج مرة أخرى، وإلا لما تمكنا من البقاء على قيد الحياة. لعدد كبير من الفاعلين في القطاعات الاقتصادية المختلفة، يركزون على المبادرة الفردية والبدء من جديد بعد كل صدمة قوية والبحث المستمر عن حلول للمشاكل والأزمات.

لقد شهدت عدة شركات تسريح عدد كبير من موظفيها، وهذا ينطبق بالتأكيد على قطاعكم. كيف انعكس ذلك على أداءكم من حيث الخدمة وجودة المنتجات التي تقدمونها؟

في الواقع، كان لدينا خياران: إما البدء في تسريح ما بين 30 و40 في المائة والاستمرار مع بقية الموظفين، أو تقليل الرواتب والاحتفاظ بما يصل إلى 75 في المائة من الموظفين في بعض الحالات. خاصة في بداية الأزمة وفي حالات الإغلاق الكامل، لم نكن قادرين على دفع الرواتب. الشيء الجيد هو أنه مع عودة ديناميات عملية الفرانشايز، قررنا ضخ جزء من العوائد المالية منها لفروعنا في لبنان، وسميناها “برنامج تصحيح تدهور العملة” (CDC)، حيث حرصنا على رفع الأجور والرواتب بنسبة تتراوح بين 35 و40 في المائة لتمكين الموظفين من اجتياز هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة.

أما بالنسبة لجودة المنتجات التي نقدمها، فقد لا ينطبق الأمر علينا بشكل مباشر، لكن قطاعي الضيافة والأغذية والمشروبات يعانيان من ذلك، بحيث لم يعد هناك كادر مؤهل لإدارة القطاع نتيجة الانخفاض الرهيب في قيمة العملة، مما دفع بعض المحترفين للهجرة بحثًا عن فرص عمل تناسب طموحاتهم والعيش الذي اعتادوا عليه في السابق. في الواقع، هاجر عدد كبير من الكفاءات خاصةً إلى دول الخليج، حتى وإن كانت العروض التي تلقوها أقل بنسبة 50 بالمئة مما كانت عليه في الماضي.

كونك رائدًا للأعمال، ما هي المبادرات التي ستتخذها من حيث إعادة التوظيف وتوفير فرص العمل لتجنب الانفجار المجتمعي؟ بدءًا من الترويج في الخارج بحثًا عن أسواق واعدة لحماية بقاء الشركات، وكيف سينعكس ذلك في خلق فرص عمل للمواطن اللبناني؟

يجب علينا بالتأكيد اتخاذ خطوات لصالح العمال. الحل البسيط لمعظم الشركات هو زيادة المبيعات قدر الإمكان وخفض التكاليف للحفاظ على استمرار العمل. شخصياً، اتبعنا سياسة التنويع، حيث دخلنا في مجال القهوة والآن لدينا علامة Caspresso التي نبيعها للأسواق التجارية. لذلك، يجب علينا تنويع أعمالنا وتوزيع قوتنا العاملة في فروع شعبية لتحقيق عائد مادي للبقاء على قيد الحياة، حيث لا توجد حلول أخرى لدينا. من ناحية أخرى، بخصوص إعادة التوظيف، نحن نبحث باستمرار عن موظفين مؤهليين الذين يمتلكون المعرفة والخبرة الكافية للمضي قدمًا في إدارة هذا القطاع وتحسين خدماته، مع العلم أننا نبحث عن علاقة طويلة الأمد، خلق مهن وتقديم حزم رواتب تتماشى مع متطلبات السوق وربما أكثر. أخذت شركتنا المبادرة لتحسين قيمة الأجور المتدنية بسبب الأزمة الاقتصادية، عبر برنامج CDC الذي أتاح لنا زيادة الأجور بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المئة كحافز للاعتماد الذاتي للموظفين وتمكينهم. يجب علينا الاستمرار في العمل للحفاظ على مواردنا البشرية.

بالإضافة إلى ما سبق، ضاعفنا الجهود لفتح فروع جديدة في بغداد، العراق وليبيا. يتماشى هذا مع أحد مجالات تركيزنا الأساسي بمنح الموظفين فرص تطوير وظيفي تتيح تقدماً مستمراً لموظفينا وتوليهم مناصب عليا. هذا يعطينا الفرصة لإرسال موظفينا للعمل لدى أصحاب حقوق الفرانشايز. نحن أيضاً ننفذ التدريب في الخارج، خاصة في البلدان التي لديها الآن فروع كبيرة مثل مصر وغيرها، أو في الفروع التي تحت الافتتاح، مما يتيح لنا إرسال فريق من لبنان لتزويد الموظفين بالخبرة الكافية، مشابه لما حدث بعد افتتاح فرعنا في سوريا في ديسمبر الماضي.

بإيجاز، نحن نعمل على تصحيح الرواتب وإرسال الموظفين من لبنان إلى فروعنا في الخارج لكسب الدولارات الجديدة.

في ظل التقلبات في جميع الاقتصادات العالمية نتيجة لجائحة COVID-19. هل من الممكن الحديث عن خطط مستقبلية على المدى المتوسط والطويل؟

لا شك أن جائحة COVID-19 كان لها تداعيات اقتصادية ومالية شديدة، وقد انعكس هذا في الدول التي نحن ناشطون فيها من خلال نحو 40 فرعًا، ولكن مع بداية التعافي، شهدنا تحسينًا كبيرًا برفع الإغلاق تدريجياً، لأن الناس بطبعهم يحبون الذهاب إلى المطاعم والمقاهي. صحيح أن جميع الاقتصادات العالمية تأثرت بالأزمة، ولكن هذا لم يؤثر بشكل كبير على قطاعات عملنا.

ماذا يحتاج لبنان اليوم لإحياء القطاع من حيث البنية التحتية اللازمة؟

للدولة الكثير من الواجبات التي يجب عليها القيام بها من حيث البنية التحتية، بدءًا من الكهرباء إلى الإنترنت، الطرق، الجسور، الأنفاق والعديد من الأشياء الأخرى. لكن أعتقد أن الاعتماد على الدولة في إدارة أبسط واجباتها هو مضيعة للوقت، خاصة وأن مؤسسات الدولة غائبة تمامًا. نحن معتادون على اتخاذ المبادرات الفردية. أعتقد أن موسم الصيف سيشهد نشاطًا سياحيًا غير مسبوق لعدة أسباب، أبرزها انخفاض قيمة العملة اللبنانية الذي سيزيد من شهية السياح من جنسيات مختلفة للقدوم إلى لبنان، بالإضافة إلى اللبنانيين المغتربين. على أمل التوصل إلى تسوية سياسية إقليمية في المنطقة لإزالة هذا الغموض الذي يثقل كاهل جميع القطاعات.

إلى أي مدى يتماشى إطلاق مفاهيم جديدة في عالم الضيافة والطعام والشراب مع الأسواق التي تستهدفونها؟ هل يجوز الحديث عن إطلاق مفاهيم خاصة بكل سوق على حدة؟

بالتأكيد، وسأعطيك مثالين على ذلك، أحدهما محلي والآخر إقليمي.

على المستوى المحلي، تشهد منطقة البترون إقبالاً كبيرًا وغير مسبوق، مشابهًا لما شهدته منطقة فقرا قبل حوالي عامين. لذلك، المنتجات التي نقدمها لمنطقة معينة تختلف عن الأخرى بما يتناسب مع الطلب.

على المستوى الإقليمي، نخصص مفاهيم خاصة لكل دولة على حدة وفقًا للحاجة والطلب. هناك دائمًا إطلاق لمفاهيم جديدة نتيجة للتطور المستمر الذي يشهده العالم؛ مع الاختلاف بين الأجيال، تختلف المتطلبات، لذلك أي تطور جديد تقدمه للناس على المستوى العالمي يعتبر واعدًا إذا تمت تلبية المتطلبات.

You may also like