Home الأخبارالبحث عن السلطة الرابعة

البحث عن السلطة الرابعة

by Line Tabet

سواءً أجريت الانتخابات البرلمانية في موعدها أو بعد بضعة أشهر، فإننا ندخل بالتأكيد في “موسم الانتخابات”. هذا سيعني تدفقًا أكبر من البرامج السياسية مع السياسيين الذين يتنافسون على الوقت الإعلامي والتعرض الإعلامي. فبالنهاية، من خلال الإعلام يستطيعون الوصول إلى دوائرهم الانتخابية وبيان موقفهم.

هذا كان سيعني في العادة أن السياسيين سيحترمون الصحفيين أو على الأقل يظهرون لهم بعض الاحترام، حيث يمكن للشخصيات الإعلامية والمراسلين أن يلعبوا دورًا كبيرًا في مساعدة هؤلاء السياسيين على الظهور في صورة إيجابية، إيصال رسائلهم، عرض أفعالهم وجذب الناخبين.

بدلاً من ذلك، أصبح من الشائع الآن في المشهد السياسي اللبناني رؤية نائب يهين صحفيين معتمدين على الهواء مباشرة عند طلب توضيح، أو قائد سياسي يعقد مؤتمراً صحفياً دون تخصيص وقت للصحفيين لطرح الأسئلة. يمكننا الاستمرار إلى الأبد في انتقاد السياسيين بسبب تجاهلهم الواضح ليس فقط لدور الإعلام المهم بل أيضًا للجمهور الذي ينظر إلى الإعلام للحصول على الإجابات التي يحتاجونها للحكم على من يمثلهم.

كل سلوكهم مستنكر، سواء كان ذلك في الدعاية، محاولات التأثير والرشوة الإعلامية، نقص الشفافية، التقلب، إلخ. ومع ذلك، الجزء المحزن هو أن هؤلاء السياسيين لم يكونوا قادرين على الإفلات بأي من ذلك لو كان الإعلام يقوم بدوره بشكل صحيح كسلطة رابعة حقيقية.

كيف ينبغي أن تكون…

من خلال حرية التعبير، يجب أن يكون الإعلام بمثابة الضمان للأداء السليم للديمقراطية، حيث يكمن دوره في المراقبة، الاستجواب، الإبلاغ والمطالبة بمحاسبة الحكومة، وبالتالي كشف الأعمال السيئة ضد الناس أو الديمقراطية.

توضيح حديث للإعلام كسلطة رابعة هو فضيحة كاهوزاك التي تصدرت العناوين الشهر الماضي في فرنسا وما بعدها. اتُهم وزير الميزانية الفرنسي جيروم كاهوزاك بالاحتيال الضريبي بسبب حساب بنكي سري في سويسرا. ومع ذلك، الجزء المثير للاهتمام في القصة هو أن وزيرًا سقط بفضل تحقيق صحفي، حيث قام موقع ميديابار اليميني بمهاجمة شخصية من نفس الانتماء السياسي وكشف الاحتيال. بالنسبة للكثيرين، تعيد هذه القصة صدى في أفضل حالاتها على المهمة الأصيلة للإعلام للتحقيق، الكشف والتنديد بالظلم.

وكيف هو في الواقع…

بالعودة إلى لبنان، أي مراقب موضوعي سيلاحظ الشذوذات والاختلالات التي تؤثر على مهنة الإعلام. تاريخياً، خدمت الصحافة في البلاد كنموذج يُحتذى به وإطار مرجعي في المنطقة، بفضل جودة محترفي الإعلام وحرية التعبير النسبية التي تمتعوا بها، مما جعل من لبنان منصة إقليمية للإعلام.

رغم أنه يمكن قول الكثير حول العوامل التي أدت إلى الوضع الحالي المأساوي ومن أو ما يمكن أن يلام، يتفق الكثيرون على أن الأبرز من بينها يظل نقص الدخل الإعلامي المستقل والشفاف الذي يمكن أن يحافظ على نزاهة الإعلام وموضوعيته.
تحويل الأمور يتطلب بالتالي تحويل الإعلام للقيام بأصله ونبله المقصود. هذا يمكن أن يحدث فقط بإنشاء بوصلته الخاصة، وهي ميثاق أخلاقي مكون من لوائح وقيود توفر التوجيه، تمنع الأفعال المشينة وتعاقب المخالفين. لهذا، نسرد سبعة عناصر يمكن أن تفيد بشكل كبير في تطوير هذا الميثاق ومساعدة الإعلام اللبناني ليصبح سلطة رابعة حقيقية.

1. تمكين الهيئات التنظيمية المهنية: تكمن أهميتها في دورها الذاتي التنظيم – في قدرتها على مراقبة أداء محترفي الإعلام وتعزيز الإحساس بالمسؤولية الكامنة في الانتماء للمهنة.

2. نشر ميثاق أخلاقيات الإعلام على نطاق واسع: تعزيز معرفة المواطنين بالأبعاد الأخلاقية والقواعد المهنية التي تنظم دور كل صحفي سيؤدي بالتالي إلى زيادة شعور الصحفي بالمسؤولية المهنية وتقييد أي رغبة في استغلال جهل المجتمع بمتطلبات ومعايير المهنة.

3. تعزيز الإضفاء المؤسسي في منظمات الإعلام وبين المحترفين: يمكن تحقيق ذلك من خلال زيادة الجلسات التدريبية وورش العمل وضخ مكان العمل بالقواعد والطقوس التي تعمل كمؤشرات مؤسسية على أن مهمة محترفي الإعلام تشبه المهن الأخرى المخولة بحياة الناس، سلامتهم ورفاهيتهم.

4. تطوير “التعليم الإعلامي” في المستويات الابتدائية والجامعية: هذا يهدف إلى تأهيل كل مواطن بنفس الطريقة التي نتعامل بها مع التعليم المدني. عندما تطورت وسائل الإعلام الاجتماعية وانتشرت إلى مثل هذا الحد، لا يمكن إنكار الحاجة لإعداد المواطنين لكتابة ونشر المعلومات والصور بشكل مسؤول وداخل ثقافة من الانضباط الأخلاقي.

5. فرض قسم مهني: قسم يؤديه جميع محترفي الإعلام علنًا، أمام هيئة سلطوية يتعهدون بها بالالتزام بلوائح المهنة والالتزام بميثاقها الأخلاقي. هذا سيكون بمثابة رادع وحافز في نفس الوقت: يضع الصحفيين في دائرة المساءلة ويجبرهم على ممارسة الانضباط، بقدر ما يزيد من إحساسهم بالمسؤولية والفخر بالانتماء إلى مهنة نبيلة بها مثل هذه القيم والمتطلبات.

6. إنشاء منصب جديد لـ “ضابط الأخلاقيات” داخل كل منظمة إعلامية: سيكلف الضابط بضمان امتثال الإعلام لميثاق الأخلاقيات. بعيدًا عن دور الرقابة، سيكون له أو لها دور استشاري أكثر مرتبطًا بالسلطة التنظيمية الإعلامية والإدارة القانونية لمعالجة أي انتهاك داخل الإطار القانوني المناسب.

7. تطبيق صارم للشفافية في أداء وملكية الإعلام: يجب أن يكون كل وسيط إعلامي ملزمًا بالإفصاح عن هوية مالكيه وأعضاء مجلس إدارته. هنا، يُناط للسلطة الإعلامية المهنية دور الدولة كحكم، وهو “المجلس الأعلى للإعلام”، الذي سيعمل كجهة تنظيمية ذاتية، وتكون مخولة حصريًا لفحص أي انتهاكات وفرض العقوبة المناسبة، لضمان الاحترام الكامل لحرية التعبير.

على الرغم من أن هذه العوامل السبعة لا تشكل بالتأكيد القائمة النهائية للعوامل المحفزة لتحقيق الممارسة الإعلامية المثلى، إلا أنها تمثل المقدمة المثالية لتمكين الإعلام وتطويره إلى السلطة الرابعة، الضامن الوحيد للديمقراطية.

You may also like