تصاعد الانتهاكات
بالإضافة إلى خسائره المأسوية في الأرواح، فإن انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 زاد من تفاقم الظلم القائم وتهديدات التهجير الدائم للمستأجرين. وُجد في دراسة أجرتها نقابة المهندسين والمعماريين أن ما لا يقل عن 1,120 مبنى بحاجة إلى إصلاح في الأحياء الأقرب للانفجار، ويشمل ذلك إلى حد كبير المباني القديمة أو التاريخية المأهولة بكثافة من قبل المستأجرين. وجاء الرد الرسمي على أحد أكبر الانفجارات في التاريخ في أكتوبر 2020، في شكل قانون يُفترض أن يحمي المناطق المتضررة ويدعم إعادة إعمارها. ومع ذلك، فإن الحافز الرئيسي وراء القانون هو حماية المصالح العقارية، بينما عاد فقط 30 بالمئة من سكان الأحياء المتضررة إلى مساكنهم حتى الآن، وفقًا لأرقام CARE.
يؤكد القانون مرة أخرى على حرمة حقوق الملكية الفردية وحرية العقود ضمن إطار اقتصاد السوق الحر، مع تجاهل الحق الأساسي في السكن. علاوة على ذلك، وبوضوح متجاهل لمفهوم العدالة الاجتماعية، يحرم القانون السكان من الوكالة في الترميم السريع لمبانيهم المتضررة ويفشل في تحديد معايير وأولويات لاستعادة الأحياء الأكثر تضرراً. على الرغم من أنه ينص على تمديد عقود الإيجار السكنية وغير السكنية في العقارات المتضررة لمدة عام واحد، مما يمنع عمليات الإخلاء خلال تلك الفترة، فإن معظم السكان غير مدركين لحقوقهم ولم تكن هناك محاولات رسمية لتطبيق القانون. بالإضافة إلى ذلك، فإن فترة التمديد غير كافية بوضوح وسط الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الخانقة التي يعاني منها البلاد، لا سيما بالنظر إلى أن عملية ترميم المباني طويلة الأمد وتوزيع التعويضات بطئ.
حصر الانتهاكات
حتى نهاية يونيو 2021، كان مراقب السكن قد سجل 127 تهديدًا بالإخلاء من المناطق الأكثر تضرراً. جاء أكثر من نصف تلك التهديدات من رميل، ومدور، وصيفي، وهي القطاعات العقارية المحمية بموجب القانون؛ وجاءت تهديدات أخرى من بشورة، وكرم الزيتون، وبرج حمود، التي تأثرت بشدة ولكنها لم تشملها القانون. استناداً إلى التقارير المذكورة أعلاه ومزيد من العمل الميداني، يمكننا تلخيص انتهاكات حقوق السكن كما يلي:
الإخفاق في توفير سكن بديل أثناء انتظار الإصلاحات. لقد تركت الدولة الفئات الأكثر ضعفًا عرضة للتشرد ومضطرة لتحمل عبء تأمين السكن في سياق يفتقر إلى سياسات اجتماعية تنتج سكنًا ميسور التكلفة ولائقًا.
الإخفاق في توفير خطة واضحة للتجديد. يشكل النقل السريع المؤقت الذي استلزمه الانفجار خطرًا بأن يتحول إلى تهجير دائم. وفقًا لمسح أجرته الأشغال العامة في حي سكني نموذجي بين شارع أرمينيا وشارع الخازينين في أكتوبر 2020، فإن 42 بالمئة من الشقق قد أُخليت بشكل دائم، مقارنة بـ58 بالمئة كانت مُصنفة على أنها مُخلاة بشكل مؤقت لحين الانتهاء من الإصلاحات. تم إخلاء أو نقل العديد من المستأجرين بشكل دائم. غادرت بعضهم بشكل دائم قبل انتهاء عقدهم المكتوب أو الشفوي، غير قادرين على تحمل تكاليف التجديد أو الصدمة النفسية، أو غير قادرين على الانتظار للإصلاحات الافتراضية. العديد منهم لم يرغب في تقديم الإصلاحات، نظرًا لأن الإطار القانوني لا يحمي المستأجرين بل يسمح للمالكين بزيادة الإيجارات أو ببساطة رفض تجديد العقد. مديرية الآثار العامة هي الجهة الوحيدة الرسمية التي تقوم بالتجديد، لكن اختيارها للمباني التاريخية لا يعتمد على دراسة إشغال تفهم الخلفية الاقتصادية والاجتماعية للسكان، وبالتالي لا تعطي الأولوية لعودة الأفراد الأكثر ضعفاً.
الإخفاق في إزالة العوائق المتعلقة بتصاريح التجديد. لم تُلغى الطرق البيروقراطية للحصول على مثل هذه التصاريح التي تُمنح حصرًا للمساهمين الكليين في الملكية، رغم الانفجار الكارثي، وبالتالي قوضت حق المستأجرين والمساهمين الصغار المقيمين في الملكية في تجديد منازلهم أو أماكن عملهم. بل استغل ملاك العقارات الانفجار لمنع التجديدات وإخلاء المستأجرين.
الإخفاق في حماية المستأجرين من الإخلاء رغم المادة 5 من القانون 194. تأتي تهديدات الإخلاء في أشكال عديدة: زيادة الملاك للإيجارات عقب إتمام الإصلاحات التي دفعت ثمنها المنظمات غير الحكومية؛ محاولة مصادرة المساعدات المخصصة قبل وصولها إلى المستأجرين؛ رفض الإصلاح أو السماح للمستأجرين بالإصلاح بأنفسهم؛ محاولة إنهاء عقود الإيجار أو رفض تجديدها.
تصاعد خطر السلوك التعسفي وظروف السكن غير الملائمة. لم تقتصر تهديدات الإخلاء على اللفظ فحسب، بل تضمنت أيضًا العنف الجسدي وعمليات الإخلاء القسري التي تم تنفيذها، مما زاد من معاناة السكان الذين نجوا من الانفجار الرهيب. علاوة على ذلك، يعيش العديد من المقيمين السابقين والجدد في الأحياء المتضررة في منازل متضررة ذات ظروف معيشة غير ملائمة. لقد أصبحت هذه الأحياء وجهة رئيسية للضعفاء اجتماعيًا واقتصاديًا لأنها تستضيف المنظمات غير الحكومية التي تقدم المساعدات وتوفر الحماية الاجتماعية لمجتمع LGBTIQ.
العدالة الحقيقية تتطلب الحق في السكن للجميع، والحماية من التهجير الدائم، وعدم التهاون في سياسة عدم الإخلاء.