بعض التكرار أصبح جزءًا من روتيننا؛ إنه لأمر مذهل ما يمكن للبشر أن يتعلموا قبوله. لقد تعودنا على انقطاعات الكهرباء اليومية، حيث تتحول الكهرباء ذهابًا وإيابًا بين الإمداد الحكومي والمولد، وعلى نقص المياه في الصيف والانتظار حتى تقوم الشركات الخاصة بملء الخزانات. لا يتم تذكيرنا بالألم إلا عندما ندفع الفواتير المضاعفة المتضخمة للخدمات السيئة الجودة. ندفع، نشكو، نقبل – ثم ننسى.
وراء هذا الموقف البرجوازي اللامبالي الذي يختار إنفاق المال على المشكلة بدلاً من التمرد، هناك مسألة واحدة لا يمكن قبولها أو تجاهلها: نقص التنقل في هذا البلد. الشوارع المزدحمة وغياب النقل العام يؤثران على روتيننا اليومي وجيوبنا وصحتنا – والمشكلة نمت إلى مستويات مشلولة.
مآزقنا في التنقل متجذرة في تجاهل سياسيينا للأرواح والإنتاجية. المواطنون مجبرون على التعايش مع السلوكيات المدمرة، والتخطيط السيئ، وانعدام المسؤولية والمساءلة الضائعة بين دولة مملوكة اقتصاد عدم التدخل نحن عالقون في عالم وسط، بين دولة غير قادرة على توفير احتياجات مواطنيها وقطاع خاص غير منظم يتغذى على إهمال الدولة لمهامها.
كل شيء يتلخص في شيء واحد: عدم قدرتنا على تقرير نوع البلد الذي نريد أن نكون. النقل أحد الصناعات المملوكة للدولة التي انهارت بمرور الوقت، حيث اختلفت الأحزاب ذات المصلحة على رؤيتها للدولة. وسائل النقل العامة التي كنا نستمتع بها في الخمسينيات والستينيات، فككوا في السبعينيات والثمانينيات ولم يعيدوا بناؤها مطلقًا.
نحن بحاجة إلى أن نسأل ما هو الثمن الذي ندفعه – تكلفة البقاء عالقين في حركة المرور كل يوم تحرمنا من الحق الإنساني الأساسي في الانتقال من نقطة أ إلى نقطة ب دون خسارة وقتنا ومواردنا، ووضع أنفسنا في طريق الأذى لساعات. التحرك لمسافة 20 كم في ساعتين غير مقبول، وضع حياتنا في أيدي السائقين اللبنانيين المتهورين كل يوم غير مقبول، وعدم توفير الخيار الصحي، نمط النقل البديل، غير مقبول.
ولكن، بالطبع، التكرارات تستمر. من مصلحة سياسيينا الحفاظ على قطاع النقل في الفوضى التي هو عليها اليوم، كما هو من مصلحتهم الحفاظ على قطاعات الكهرباء والمياه كما هي. نحن نعاني، بينما يتمتعون بعوائد نظام غير رسمي لا يفيد إلا هم.*
*بسبب خطأ تقني كانت الكلمات الستة الأخيرة من هذا الافتتاحية مفقودة من النسخة المطبوعة للمجلة. يعتذر المكتب التنفيذي عن هذا الخطأ.