Home تعليقريادة الأعمال والشباب في لبنان

ريادة الأعمال والشباب في لبنان

by Sally Hammoud

قد تُصنف لبنان رسميًا على أنها دولة ذات دخل متوسط أعلى من قبل المجتمع الدولي، لكنها تتخلف كثيرًا عن الدول الأخرى ذات الوضع المماثل. القصور الجدي في ديناميكيات سوق العمل – حيث تبلغ نسبة البطالة بين الشباب حوالي 40 في المائة، وتشكّل النساء أقل من 25 في المائة من القوى العاملة – هو السبب الأكبر في ذلك.

من الصعب الحصول على صورة واضحة عن البطالة في لبنان. تُعرف الإحصاءات حول البطالة بعدم دقتها، حيث تضع الأرقام الرسمية مستوى البطالة في عام 2018 عند 10 في المائة فقط. ومع ذلك، فإن الأرقام غير الرسمية التي تُذكر بشكل متكرر في وسائل الإعلام تضع مستوى البطالة عند 25 في المائة. ومن الأرجح أن الشباب اللبنانيين هم الأكثر تأثراً بذلك؛ حيث أن العثور على فرص عمل يمثل تحديًا بسبب المنافسة العالية والوضع الاقتصادي غير المستقر.

الشباب اللبنانيون متعلمون تعليماً عالياً، حيث يتخرج عدد كبير من الشباب من الجامعات بدرجات علمية مرتفعة، مثل الماجستير أو الدكتوراه. ومع ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن متوسط شخص واحد من كل ثلاثة شبان لبنانيين عاطل عن العمل.

إحدى الحلول لمعالجة هذا المستوى العالي من بطالة الشباب تكون بتزويد الشباب بالمهارات اللازمة ليصبحوا رواد أعمال. لريادة الأعمال القدرة على مساعدة الدول في تحقيق الأهداف الداخلية والخارجية. يمكن لريادة الأعمال أن تفيد تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، بما في ذلك التعليم المستدام والبيئة، والقضاء على الفقر. في حالة لبنان، هناك العديد من الفرص المتقاطعة التي يمكن للمنظمات المدنية والمدارس والجامعات، إلى جانب الحكومة والقطاع الخاص، الاستفادة منها لتأسيس استراتيجيات استباقية لوقف نزيف العقول وتعزيز اقتصاد البلاد.

هناك حاجة كبيرة لتزويد الجيل القادم بالمهارات اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة. ينبغي أن تتجاوز الاستراتيجيات التعليم، بحيث تركز أيضًا على بناء القدرات لتوفير الفرص الشبابية في سوق العمل. تصبح هذه الحاجة أكثر إلحاحًا يومًا بعد يوم، وهي متساوية في الأهمية مع الحاجة للتعليم، وذلك لمساعدة الأجيال الحالية والمقبلة في تجاوز الأوقات الصعبة ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الكبيرة. تمكين الشباب هو أمر جوهري – في جوهره، هو حضانة للقدرات البشرية. من خلال تمكين شباب لبنان، سنحقق فوائد اقتصادية واجتماعية وثقافية وإنسانية كبيرة لبلدنا على جميع المستويات.

ريادة الأعمال للجميع

ما يجذب الشباب نحو ريادة الأعمال هو إيمانهم بأنه يتيح لهم الحرية الإبداعية، بدون التقيد بالهياكل التنظيمية القديمة. بحث حول الشباب الأمريكيين في عام 2014 وجد أن 94 بالمائة يرغبون في استخدام مهاراتهم لخدمة قضية. ريادة الأعمال الاجتماعية تجذب الشباب  لأنهم يريدون المشاركة في مجتمعهم وأن يصبحوا مواطنين عالميين فعالين. لهذا السبب باتت ريادة الأعمال الاجتماعية أكثر شيوعًا في لبنان. الشباب يبحثون عن حلول يمكنها أن تفعل لمجتمعهم ما لا تستطيع الحكومة فعله. ولكنهم يفتقدون التوجيه ليصبحوا رواد أعمال اجتماعيين شبان، حيث أن هذه الأنواع من المهارات لا يتم تعليمها حتى الآن إلا لمن يدرسون الأعمال أو ريادة الأعمال نفسها. ينبغي تعليم هذه المهارات للجميع، وفي سن مبكرة. مع وجود أساس في ريادة الأعمال يمكن لهؤلاء الخريجين اللبنانيين الذين يتصارعون حاليًا للعثور على عمل في بلدهم على الرغم من خبراتهم العثور على حلولهم الخاصة والعمل على تحسين اقتصاد لبنان.

هناك العديد من المسارات المحتملة التي يمكن أن تفيد الشباب والبلاد ككل، لكن أكثرها جدوى هو التعليم، والإعلام، والمجتمع المدني. تحتاج نظم التعليم إلى تحسين مستمر على جميع المستويات: المناهج، والمعلمين، والمسؤولين، والطلاب، حيث تتداخل تكنولوجيا المعرفة مع كل جانب من جوانب حياتنا. يجب على المؤسسات التعليمية تقديم ريادة الأعمال للطلاب في سن مبكرة لتعزيز إبداعهم. تتبنى بعض المؤسسات هذا النهج، ولكن ليس بالقدر الكافي لتغطية احتياجات السوق الحالية. مثل هذا المنهاج سيزود الطلاب بتوجيه مهني أفضل، مما سيساعدهم في اختيار تخصصهم في الجامعة.

على مدى السنوات القليلة الماضية، عملت منظميتي، Loyac، التي تعمل على تعزيز تطوير الشباب،  على استضافة عدة مجموعات من طلاب المدارس من الكويت، وتسجيلهم في برامج ريادة الأعمال المدرسية بتفويض لتصميم وتنفيذ حلول للشباب المحرومين. هذا النهج من الند للند له تأثير كبير على المجتمعات. تعليم التفكير التصميمي من سن مبكرة، إضافة إلى تعزيز التعلم من الأقران، يحمل العديد من الفوائد. يتيح التعلم النشط، ويساعد في تعزيز هذه المهارات من خلال تدريسها للأقران، مما يفيد جميع أطراف المعادلة.

شبكات للابتكار

الشراكة بين المؤسسات التعليمية والمجتمع المدني ضرورية أيضًا. المجتمع المدني هو النظام البيئي للتغيير الاجتماعي، حيث يساعد المشاركة المدنية الشباب على ملاحظة وتقييم وفهم المشاكل المجتمعية. يعزز هذا التعاطف والرغبة في التغيير، مما يشجع الشباب على الاهتمام ببعضهم البعض، وبالكوكب. عند المشاركة في المجتمع المدني، يتعلمون كيفية تصميم تفكيرهم للعثور على حلول عملانية ومستدامة.  وفقاً لمؤشر ريادة الأعمال العالمي لعام 2017 (GEM) للبنان، ذكر واحد من بين كل ستة بالغين في لبنان أن الخوف من الفشل كان عاملاً مانعاً لبدء مشروع؛ احتضان الشباب في سن مبكرة قد يساعدهم على التغلب على هذه المخاوف في المستقبل.

مع كل التحديات التي يواجهها لبنان، تعد ريادة الأعمال واحدة من المفاتيح لاستقرار الاقتصاد. من بين ثماني دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشارك في GEM، كان للبنان أعلى مستوى بفارق كبير من الشركات الناشئة التي تقودها النساء، حيث كانت تقارب ضعف المستوى الذي تلاه، في حين أن معظم رواد الأعمال الجدد من الجنسين كانوا دون سن 35 عامًا. وتستحق مثل هذه المؤشرات الاحتفال والاستدامة. يمكن لحقن مهارات ريادة الأعمال من خلال التعليم، والمجتمع المدني، ومعرفة وسائل الإعلام أن يساعد في صنع المعجزات.

You may also like