Home قادةجائع للتغيير

جائع للتغيير

by Executive Editors

لقد أصبحت سلامة الغذاء على مر الأشهر الماضية مشهداً وطنياً. ورغم عدم وقوع أي أوبئة غذائية مؤخراً، إلا أن وزير الصحة وائل أبو فاعور لا يكل عن تذكيرنا بأن الكثير مما نأكله “ينتهك المعايير الصحية.” ومع ذلك فإن من المنعش رؤية الوزير يأخذ سلامة الغذاء بجدية تامة — رغم شكوكنا المستمرة حول دوافعه الحقيقية لشن هذه الحملة وخيبة أملنا في عدم تقديمه لأرقام دقيقة تدعم مدى خطورة المخاطر التي نواجهها. وعد أبو فاعور مراراً بعدم ترك سلامة الغذاء تزول من الرادار عند مغادرته للمنصب، لكننا بحاجة إلى أكثر بكثير من وعد. نحن بحاجة إلى إصلاح مؤسسي جدي.

[pullquote]We need much more than a pledge. We need serious institutional reform[/pullquote]

لقد عرف المسؤولون المنتخبون في لبنان منذ فترة طويلة أن هناك مشاكل جدية في النظام الحالي لضمان أن ما نأكله آمن ونظيف. ومع ذلك، فإن أبو فاعور هو أول وزير للصحة العامة الذي يسمي ويفضح ويعد بالتغيير منذ أكثر من عقد. جهوده جديرة بالإشادة، لكن المشكلة تكمن في تداخل السلطات ــ إذ أن وزارات الزراعة والصحة العامة والسياحة والاقتصاد والصناعة، بالإضافة إلى كل من حكام المحافظات الست في البلاد، تلعب دوراً في مراقبة سلامة الغذاء، ناهيك عن البلديات. عندما تكون المسؤوليات موزعة على عدة جهات حكومية، من السهل جداً أن يقوم الجميع بعدم القيام بأي شيء سوى إلقاء اللوم على بعضهم البعض عند وقوع وباء.

في السنوات الأخيرة، ظهرت تقارير متفرقة عن مستودعات مليئة باللحم منتهي الصلاحية أو رقائق البطاطس مراراً وتكراراً. العام الماضي، أفاد أن المزارعين الذين يواجهون أزمة مياه كانوا يحولون المياه العادمة لاستخدامها في الري. لا يوجد سبب مشروع لاستمرار التعامل المهمل مع الغذاء لفترة طويلة. نحن نفهم أن أصحاب الأعمال في أي حلقة من حلقات سلسلة الغذاء قد يحاولون تسريب المنتجات منتهية الصلاحية إلى السوق بدلاً من عدها كخسائر، لكن هذا أمر غير مقبول على الإطلاق.

اليوم، ووفقا للمدير العام لوزارة الصحة، هناك 70 مفتش صحة فقط يعملون في الوزارة، وهي تعاني من نقص التمويل والموظفين. إذا كان، كما يدعي المدير العام، أن الوزارات الأخرى لا تقوم بواجباتها بشكل صحيح فيما يتعلق بسلامة الغذاء، فإن احتمالية أن تنتهي هذه الحملة بانتهاء فترة أبو فاعور عالية جداً لدرجة لا تجعلنا نشعر بالراحة في الاعتماد فقط على وعد بأن حرب وائل ستستمر بعده. نحن بحاجة إلى تغيير مؤسسي وسلطة مركزة. نحن بحاجة إلى قانون جديد، ويبدو مشروع القانون الذي أقرته اللجان المشتركة بمجلس النواب في يناير 2015 بداية جيدة.

[pullquote]The chances that this crusade will end with Abou Faour’s term are far too high[/pullquote]

يدعو الفصل الثالث من مشروع القانون إلى إنشاء هيئة مركزية، وهي لجنة سلامة الغذاء اللبنانية، التي من شأنها أن تمتلك السيطرة الكاملة على سلامة الغذاء من فحص الأغذية المستوردة قبل توزيعها إلى زيارة المزارع والمسالخ لضمان تنفيذ أفضل الممارسات. هذه فكرة جيدة شريطة أن تكون اللجنة موفرة بما يكفي من المفتشين لإجراء فحوصات أمان عشوائية في جميع أنحاء البلاد بشكل روتيني. بينما يحدد البند 30 من مشروع القانون 21 مهمة ستكون اللجنة مسؤولة عنها — مثل الإشراف على عملية ‘التتبع’، أي تتبع الغذاء عبر جميع مراحل الإنتاج لتحليل أي مخاطر محتملة — فإن التفاصيل الدقيقة ستأتي في اللوائح الداخلية المستقبلية.

رئيس مجلس النواب نبيه بري يريد مناقشة جلسة تشريعية في منتصف أبريل، ويجب أن يكون مشروع القانون هذا على جدول الأعمال وأن يُعطى تصويتًا بالموافقة أو الرفض. إضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة تمرير أي مراسيم تنفيذية ضرورية بسرعة لضمان إنشاء لجنة سلامة الغذاء بسرعة ومنحها السلطة المناسبة وتمويلها بشكل كامل. لا يمكن السماح بحدوث الممارسة الشائعة المؤسفة لإيقاف الإصلاحات لأن المجلس يفشل في المتابعة مع المراسيم التنفيذية اللازمة في هذه الحالة. سلامة الغذاء أمر لا بد منه، والطريقة الوحيدة لتجنب المزيد من الفضائح في المستقبل هي مراقبة القطاع وتنظيمه بشكل صحيح. ضمان السلامة هو وظيفة يومية، وليست شيئًا سيحدث عندما يثير أحدهم زوبعة كل عدة سنوات. من الأفضل تحويل المشهد الحالي إلى شيء منتج، لئلا نواجه قضية سلامة غذاء حقيقية في المستقبل.

You may also like