Home الزراعةالعودة إلى الأراضي المسمومة: حوار مع نادين خوري حول الزراعة والأغذية الزراعية في لبنان

العودة إلى الأراضي المسمومة: حوار مع نادين خوري حول الزراعة والأغذية الزراعية في لبنان

by Sherine Najdi

لبنان، أمة من الجبال الخضراء والجذور الزراعية العميقة، تواجه الآن لحظة محورية أخرى. الحرب، التي يأمل الكثيرون بانتهائها رغم وجود طائرات استطلاع إسرائيلية يوميًا، وصوت الطائرات المقاتلة بين الحين والآخر في السماء فوق، والغارات الجوية العرضية في الجنوب – قد ندبت وسممت حقولها حرفيًا، وتركت وراءها أشجار زيتون محروقة ومصادر رزق مدمرة. القطاع الزراعي في لبنان، الذي يعود تاريخه إلى العصور الفنيقية خاصة في صناعة النبيذ والرعي، واجه مؤخرًا تحديات تتراوح من تآكل التربة والري غير الكافي إلى قضايا مثل الحفاظ على الوظائف، التنافسية والجودة. الخسائر المدمرة الأخيرة للقطاع الزراعي من حوالي 11 شهرًا من الصراع عبر الحدود الذي تصاعد إلى حرب مفتوحة في منتصف سبتمبر، لم تُحسب بعد بشكل كامل. وسط الدمار، الهدنة التي استمرت 60 يومًا، وهي الآن في منتصف دورتها الهشة، تشيع شعورًا بأن العودة إلى العمل وإعادة البناء ممكنة. قادة الصناعة مثل نادين الخوري، المديرة التنفيذية التشغيلية في مجموعة كوينتا، يضعون استراتيجيات حول كيفية المضي قدمًا، وتحويل اليأس إلى فرصة، وضمان ألا يضيع التراث الزراعي للبنان في رماد الحرب. في هذه اللحظة الحرجة والهشة للبنان، تشارك الخوري رؤاها عن جهود التعافي، الوضع الحالي للمزارعين والمنتجين، والاستراتيجيات المبتكرة التي يتم توظيفها لضمان الاستدامة والنمو.

تنفيذي: أثناء الصراع، تأثر القطاع الزراعي في لبنان بشكل كبير. هل يمكنك وصف ما حدث؟

الخوري: بالتأكيد. أثناء الحرب، خاصة في الجنوب، تم تدمير 12 في المائة من أشجار الزيتون – حوالي 65,000 شجرة. ووفقًا للبنك الدولي، فقد فقدنا حوالي 58 مليون دولار. وعندما أقول هذا، ليس فقط الأشجار – لم نتمكن من حصاد الزيتون، ولم نتمكن من إنتاج زيت الزيتون. كل هذه القضايا، مع تدمير الأشجار، أضافت إلى التحديات.

تنفيذي: ماذا عن ما بعد الهدنة؟ كيف ردّ المزارعون؟

الخوري: مباشرة بعد الهدنة، بدأ المزارعون بالعودة إلى أراضيهم. بدأوا فورًا بتقديم طلبات للبذور والأسمدة والشتلات. في سهل البقاع، على سبيل المثال، استؤنفت الأنشطة ولكن ليس بكامل قدرتها – ربما حوالي 60 في المائة. المناطق المتضررة من الفوسفور لا تزال غير صالحة للاستخدام، لذا لا يوجد زراعة هناك بعد.

تنفيذي: ما هو النوع من الأثر الاقتصادي الذي نتج عن ذلك على المزارعين والمنتجين؟

الخوري: لقد كان شديداً. الأمر لا يتعلق فقط بالأمن الغذائي؛ إنه يتعلق بالتأثير الاقتصادي. المزارعون – هذا هو مصدر رزقهم الوحيد. ليس لديهم أي دخل آخر. بعضهم ينظر في تأجير الحقول في مناطق أخرى أو يحاول الاستفادة القصوى مما تبقى، ولكنه أمر صعب.

تنفيذي: هل يتم توفير أي مساعدة لهم؟

الخوري: نعم، هناك بعض المنظمات غير الحكومية والمتبرعين الذين يتدخلون، مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. إنهم يوفرون الدعم، ولكنه لا يزال غير كاف لمواجهة حجم الاحتياجات.

 

تنفيذي: وماذا عن قطاع الأغذية الزراعية؟ كيف يديرون الأمور؟

الخوري: لقد كان الأمر تحدياً. بعض المنتجين تمكنوا من نقل معداتهم ومستودعاتهم، خاصة في البقاع. لكن في الجنوب، لم يتمكنوا من العودة. على سبيل المثال، إنتاج زيت الزيتون لهذا العام قد فُقد تمامًا. إنهم ينتظرون الآن للعام المقبل.

تنفيذي: هل هناك أي خطط لتطبيق ممارسات مستدامة؟

الخوري: نعم، بالتأكيد. المزارعون يستخدمون بشكل متزايد أنظمة أكثر استدامة. على سبيل المثال، في عكار، بدأنا مشاريع لجمع مياه الأمطار للدفيئات الزراعية. هذه تساعد في حفظ الماء والطاقة. تغير المناخ هو تهديد حقيقي، لذا ننظر أيضًا إلى أساليب ري أكثر كفاءة.

تنفيذي: ما هي الخطوات التي يتم اتخاذها لتحقيق الاستقرار في الزراعة؟

الخوري: واحدة من الاستراتيجيات الرئيسية هي الزراعة التعاقدية. هذا يخلق رابطًا مباشرًا بين المزارعين ومنتجي الأغذية الزراعية، مما يضمن سوقًا لمحاصيل معينة. إنها تعمل بشكل جيد بالفعل للدواجن والبطاطس، ونحن نسعى لتوسيعها، خاصة للمزارعين الأصغر.

تنفيذي: هل بدأت هذا بالفعل؟

الخوري: نعم، لدينا مشروع مع منظمة العمل الدولية. نحن نساعد المزارعين على فهم كيف يمكن أن توفر الزراعة التعاقدية الاستقرار، خاصة في هذه الأوقات المليئة بالتحديات.

تنفيذي: ما هي بعض التحديات الرئيسية الأخرى التي تواجهها؟

الخوري: العمل هو تحدٍ كبير. العديد من السوريين، الذين يشكلون العمود الفقري لقوة العمل الزراعية لدينا، إما يغادرون أو يطالبون بأجور أعلى. العمال اللبنانيون لا يقومون عادة بالأدوار الزراعية لأنهم يفتقرون إلى المهارات التقنية. علاوة على ذلك، تزيد اضطرابات سلسلة التوريد العالمية من تكلفة ووقت تسليم الأشياء مثل الأسمدة والبذور.

تنفيذي: هل تعتقد أن القطاع يمكنه التعافي؟

الخوري: إذا تمكنا من الحفاظ على الاستقرار، نعم. لدى لبنان القدرة على استعادة موقعه كمورد رئيسي للزراعة والأغذية الزراعية. لقد شهدنا بالفعل استجابات إيجابية في المعارض الدولية، مثل سيال في باريس، حيث جذبت المنتجات اللبنانية الكثير من الاهتمام.

تنفيذي: أي أفكار أخيرة؟

الخوري: لنختتم بملاحظة إيجابية. إذا استمر الاستقرار، يمكن للبنان إعادة بناء قطاعه الزراعي. لقد كنا دائمًا معروفين بإبداعنا ومرونتنا، وأعتقد أن هذه الصفات ستساعدنا على التغلب على هذه التحديات والازدهار من جديد.

You may also like