جلبت الأمطار الموسمية في لبنان معها أكثر من الفوضى المرورية المعتادة هذا العام. القمامة التي تُركت على الأرصفة نتيجة لأزمة النفايات التي تسببت الحكومة فيها بنفسها جرفت إلى الشوارع، مما أرسل تذكيرًا صارخًا بالكارثة الصحية القادمة.
على الرغم من الأزمات المتعددة، مشاكل لبنان – مثل نفاياته – تتزايد بينما الحكومة وزعماء البلاد السياسيين يضيعون الوقت. يبدو أن الطبقة السياسية اللبنانية حولت التسويف إلى استراتيجية حكم. البرلمان لا يستطيع الاتفاق على قانون انتخابي؟ لا مشكلة؛ فقد مدد أعضاؤه فتراتهم مرتين. لا رئيس؟ لنتنظر حتى تتضح الصراعات الإقليمية. القمامة تتكدس؟ ربما المطر سيجرفها بعيداً إلى البحa.
سيكون عدم التقدم في البلاد واضحًا في النتيجة بعد ظهور لبنان في 2 نوفمبر للمراجعة الدورية الشاملة الثانية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف. فكر في المراجعة الدورية الشاملة كجلسة امتحانية ودية يتم فيها مراجعة سجل حقوق الإنسان لبلد ما بواسطة دول أخرى أعضاء في مجلس حقوق الإنسان. في المراجعة الأولى للبنان قبل خمس سنوات، التزم البلد بتنفيذ مجموعة من الإصلاحات، وسيتعين عليه هذه المرة أن يظهر التقدم الذي حققه منذ ذلك الحين. لسوء الحظ، لن يكون هناك الكثير لإظهاره.
في مراجعة 2010، وافق لبنان على إنشاء لجنة وطنية لحقوق الإنسان وتحسين مكافحة التعذيب من خلال تجريم جميع أشكال التعذيب وسوء المعاملة. بعد خمس سنوات، لا يزال قانون مسودة هذه اللجنة عالقًا في البرلمان، إلى جانب العديد من المبادرات الأخرى لتحسين البلاد. أما بالنسبة للتعذيب، فلا تزال قوات الأمن تسوء وتسيء معاملة المحتجزين وسط جو عام من الإفلات من العقاب. في أفضل الأحوال، عندما تظهر مقاطع فيديو تظهر سوء المعاملة من قبل قوات الأمن وتثير فضيحة – مثل المقاطع التي ظهرت هذا الصيف تظهر ضباط من قوى الأمن الداخلي يضربون نزلاء في سجن رومية – يعد المسؤولون بالمحاسبة ويعلنون عن تحقيقات تبدو وكأنها تختفي بمجرد أن يتحول الاهتمام الإعلامي إلى فضائح أخرى.
عند مواجهتهم بفشلهم، سيوافق العديد من المسؤولين المحليين بأدب على الحاجة إلى الإصلاح لكنهم يختلفون في التوقيت، معتبرين أنه لا يمكن تحقيق أي تقدم بسبب سلسلة لا نهاية لها من الأزمات المحلية أو الإقليمية. يواجه لبنان عددًا من التحديات، لكن هذه الأعذار تبدو جوفاء ويجب على الدول التي تراجع سجل لبنان في جنيف أن تدركها على هذا النحو.
فشل ملاحقة منتهكي حقوق الإنسان، مثل الفشل في إيجاد حل لأزمة النفايات، ليس نتيجة لأزمة خارجية بل هو متجذر بعمق في ثقافة الإفلات من العقاب في البلاد. إنها ثقافة تلقتتأييداً رسمياً في نهاية الحرب الأهلية، عندما اتفق أمراء الحرب على العفو العام. ومنذ ذلك الحين، انتشرت هذه الطريقة إلى جميع أجزاء الإدارة، مما جعلالكفاح لإنهاء الإفلات من العقاب صعبًا.
كانت التحديات المستقبلية واضحة في الجهود الأخيرة لمحاسبة ضباط الأمن عن العنف المفرط ضد المتظاهرين المطالبين بوضع حد لأزمة النفايات. رغم فتح تحقيق قضائي في الاستخدام المفرط للقوة، بعد شهرين لا يوجد مؤشر على اتخاذ أي إجراء قضائي. في الوقت الحالي، يبدو أن الإجراء الوحيد هو إجراءات تأديبية خفيفة ضد ستة مسؤولين أمنيين لعملهم دون الرجوع إلى رؤسائهم.
يجب أن تهيمن قضية إنهاء الإفلات من العقاب على مراجعة لبنان في جنيف. إذا رفضت الطبقة السياسية اللبنانية المطالب المحلية بمزيد من الشفافية، فربما يشعرون بالحاجة للرد على الأسئلة من الدول الأعضاء في جنيف. وفي الوقت نفسه، استعد للمزيد من القمامة الطافية على شارع قريب منك.