مقياس الرواتب المقترح يقدم زيادة في الإنفاق تبلغ حوالي 1.4 مليار دولار في رواتب القطاع العام. ستأتي هذه الأموال من مخططات ضريبية مختلفة، ومن أكثرهم إثارة للجدل زيادة الضرائب على البنوك. سيتضمن المشروع المقترح أولاً زيادة الضريبة على دخل فوائد المودعين من 5 إلى 7 في المئة. ثانياً، ستزيد الضريبة على إيرادات فوائد البنوك من الأوراق المالية الحكومية المختلفة من 5 إلى 7 في المئة وستمنع خصم هذه المبالغ من فواتير ضريبة الدخل للبنوك. أخيرًا، ستدفع البنوك ضريبة دخل بنسبة 17 في المئة بدلاً من 15 في المئة الحالية. لقد تسبب المشروع المقترح في الكثير من الجدل ليس فقط في صفوف البرلمان، ولكن أيضًا بين الاقتصاديين وأعضاء المجتمع المدني. دعوة المدير التنفيذي غسان ديباه ونسيب غبريل لطرح وجهات نظر متعارضة في هذا النقاش.
فيما يلي وجهة نظر نسيب غبريل حول هذه القضية.
أولاً، خلافًا للصورة النمطية السائدة، فإن القطاع المصرفي اللبناني لا يعيش على جزيرة معزولة عن بيئته التشغيلية. في الواقع، أي قطاع مصرفي في العالم هو الأكثر تأثرًا بتدهور بيئته التشغيلية، حيث تقدم البنوك قروضًا لجميع قطاعات الاقتصاد. نظرًا لأن البنوك اللبنانية أقرضت بشكل كبير للقطاع الخاص، فقد شعرت بتأثير الركود الاقتصادي بشكل مباشر كما يتضح من الزيادة المستمرة في القروض المتعثرة من 3.7 في المئة من إجمالي القروض في عام 2011 إلى 3.8 في المئة في عام 2012 و 4 في المئة في عام 2013. بالفعل، بلغ إجمالي القروض للقطاع الخاص 47.5 مليار دولار في نهاية مارس 2014، وهو ما يعادل حوالي 104 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يزيد عن ضعفي نسبة 49.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة أوروبا الناشئة والشرق الأوسط وإفريقيا. بشكل أكثر تحديدًا، منحت البنوك اللبنانية 20 مليار دولار في قروض للشركات اللبنانية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأسر بين عامي 2008 و2013، مما ساهم في الرفاه الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين.
ثانيًا، على العكس من صورة نمطية أخرى، فإن القطاع المصرفي اللبناني لا يحقق دائمًا أرباحًا فلكية. في الواقع، تسبب الركود الاقتصادي السائد منذ عام 2011 في أضرار لأرباح البنوك وربحيتهم، حيث تراجع العائد على الأصول المتوسطة لأكبر 14 بنكًا في البلاد من 1.14 في المئة في عام 2011 إلى 1.1 في المئة في عام 2012 و 1 في المئة في عام 2013، وهو عائد منخفض بمعايير الأسواق الإقليمية والناشئة. كما تراجع العائد على متوسط حقوق الملكية لأكبر 14 بنكًا، وهو مقياس رئيسي لجذب مستثمرين جدد والاحتفاظ بالمساهمين الحاليين، من 13.2 في المئة في عام 2011 إلى 12.9 في المئة في عام 2012 و11.8 في المئة في عام 2013. وتشمل العوامل الأخرى التي أثرت بشكل متزايد على دخل البنوك تقليل عدد فرص الإقراض بسبب المستجدات المحلية والإقليمية السائدة، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الامتثال. سيكون من غير المناسب تمامًا زيادة الضرائب في هذه البيئة غير المواتية.
ثالثًا، تتضمن التدابير المقترحة زيادة الضريبة من 5 في المئة إلى 7 في المئة على الفوائد المتراكمة على الودائع. ستعاقب هذه الضريبة آلاف المواطنين اللبنانيين المسنين والمتقاعدين الذين يكون مصدر دخلهم الوحيد هو الإيرادات الناتجة عن فوائد مدخراتهم مدى الحياة. قد تتكون الزيادة الضريبية من نقطتين مئويتين، لكنها فعليًا تعتبر زيادة بنسبة 40 في المئة في معدل الضريبة. نتيجة لذلك، ستقلل هذه الزيادة الضريبية من دخل المتقاعدين، بينما قللت زيادة تكاليف المعيشة بالفعل من قوتهم الشرائية. سيؤدي التأثير المضاعف لهذه الزيادة الضريبية إلى تقليل الاستهلاك وبالتالي تقليل إيرادات ضريبة القيمة المضافة إلى الخزانة. تأثير آخر محتمل لهذه الزيادة الضريبية هو تباطؤ نمو الودائع.
رابعاً، تتضمن الضرائب الأخرى على القطاع المصرفي زيادة معدل الضريبة على إيرادات الفوائد البنوك من فئات مختلفة من الأوراق المالية الحكومية من 5 في المئة إلى 7 في المئة وزيادة ضريبة دخل البنوك من 15 في المئة إلى 17 في المئة، بالإضافة إلى إلغاء المكون القابل للخصم من الضريبة على ودائع الفوائد. قد تبدو هذه الزيادات الضريبية مجرد زيادات بسيطة بمقدار نقطتين مئويتين لكل منهما، لكن معدل الضريبة الفعلي على الدخل للبنوك سيقفز إلى 33.4 في المئة نظرًا لتأثير الازدواجية الضريبية للإيرادات والأرباح. وهذا سيقلل فوراً من صافي دخل البنوك وبالتالي مستوى الأرباح الموزعة على المساهمين. بدورها، سيجبر هذا البنوك على البحث عن إجراءات لتقليل التكاليف بشكل جذري قد تشمل تجميد التوظيف، وتسريح الموظفين، وتقليل المكافآت، وتحديد الزيادة في الرواتب، وغيرها. قد يجلها هذا أيضًا على رفع أسعار الفائدة على القروض من جميع الأنواع، مما سيكون له تأثير ضار على الشركات والمستهلكين والأسر والاقتصاد بشكل عام.
خامساً، بالإضافة إلى التأثير المباشر على القطاع المصرفي، فإن القرار الخاطئ لتحديد هدفًا لقطاع ناجح بضرائب تعسفية يمكن أن ينعكس بتأثير عكسي على الاقتصاد بأكمله وعلى صورة العلامة التجارية للبلاد. الزيادات الضريبية على القطاع المصرفي من المؤكد أنها ستقلل من اهتمام المستثمرين، وتثني عن روح المبادرة والمخاطرة، وتحول المشاريع إلى اقتصادات تتمتع بنظام ضريبي أكثر استقرارًا وشفافية. كما أنها ستثير أسئلة مشروعة من قبل المستثمرين والشركات: هل سيظل السياسيون غير المشبعين بالإفراط في الإنفاق يجعلونهم يستهدفون قطاعًا ناجحًا آخر من الاقتصاد بضرائب عقابية؟ إذا كان النهج الفوري لصنع السياسة العامة يتكون من زيادات ضريبية عشوائية، فهل هناك إرادة سياسية جادة لتحسين مناخ الاستثمار في البلاد وبيئتها التجارية؟ هل ستظل نداءات وقف الإنفاق اللاعقلاني، ومحاربة التهرب الضريبي ومعالجة الفساد مجرد أقوال سياسية لتحقيق غايات؟ باختصار، هذا النهج العشوائي للضرائب هو مجاملة مجاني