الطبيعة التدميرية للبنانيين لا تتوقف عن إثارة الحيرة. بينما ندعي أننا الأمة الأكثر تحضرًا في بلاد الشام، فقد تمكنّا ببطء من تفريغ جبالنا، وتسميم أنهارنا، وتحويل شواطئنا إلى مكبات نفايات، وتلويث هوائنا بالمعادن الثقيلة والأبخرة المسرطنة – ولا نبالي حتى. برؤية انتقائية دائمة، نغض الطرف عن رؤوس الأبقار المقطوعة الطافية، والبراز البشري، والمواد البلاستيكية، ونتجه مباشرةً للغوص بينها.
لمراقبة هذا العمى المتعمد، كل ما يحتاجه المرء هو الذهاب ومشاهدة صيادينا على كورنيش بيروت يلتقطون عشاءهم من مياه المجاري العكرة. هذه الصور تنتمي بحق إلى دول أقل تطورًا بكثير، لكن هذا الواقع أصبح لنا الآن.
لقد حدث تدهور مذهل في سلوكنا المدني. بينما يتفاخر اللبنانيون بمدى نظافة منازلهم، فإنهم يتجاهلون تمامًا أي شيء خارج عتبة بابهم.
لماذا يهتمون؟ الحكومات المتعاقبة فشلت في تطوير سياسات أو استراتيجيات أو أي خطة من شأنها الحفاظ على الأصول الوطنية الوحيدة ذات القيمة الحقيقية لدينا – طبيعتنا. هؤلاء المسؤولون الحكوميون أنفسهم هم الأوائل في الحصول على تراخيص لمضغ جبالنا، أو التنازع على عقود النفايات لملء جيوبهم بينما يتعلقون في الفيلات الفخمة المبنية على الأراضي الساحلية العامة.
كل هذا لم يحدث بين عشية وضحاها. ثقافتنا فاسدة ومسمومة بأكثر من 40 سنة من الجهل المتزايد والتراجع في الوعي والقيادة.
النفايات تصل إلى أعناقنا وستغرقنا – إلا إذا فتحنا أفواهنا وتذوقنا الحثالة وأعدنا الدعوة إلى سياسة بيئية يتم تطويرها وتنفيذها وتعزيزها بسرعة. سياسة خالية من الثغرات والمصالح الشخصية والفساد، وسياسة يجب أن تعوض عن سنوات من الإهمال المستهجن تجاه بيئتنا الطبيعية.