Home آخر كلمةمكافحة التحرش في مكان العمل في لبنان

مكافحة التحرش في مكان العمل في لبنان

by Karim Nammour

أصبحت الحاجة إلى اعتماد إطار قانوني لمعالجة التحرش في مكان العمل في لبنان تكتسب مزيدًا من الاهتمام في النقاش العام خلال الأشهر القليلة الماضية، وخصوصًا بعد نجاح حملة #MeToo التي كانت شبه عالمية. في الواقع، يجد العديد من العاملين في القطاع، وخاصة النساء والأشخاص المتحولين جنسياً الذين يتعرضون للتحرش اللفظي أو الجنسي من قبل زميل أو مدير، أنه بعد أن يجمعوا ما يكفي من الشجاعة للتحدث، يجدون أنفسهم غير قادرين على رفع دعوى قضائية ضد المعتدي. بدلاً من ذلك، يجدون أنفسهم محاصرين في فراغ قانوني محبط نظرًا لغياب إطار قانوني مناسب لمكافحة التحرش من ناحية، ونظرًا للإلزاميات القانونية الصارمة القائمة من ناحية أخرى، والتي تتطلب بشكل خاص من الضحية إثبات حدوث التحرش بالفعل. نعم، يجب إثبات الادعاءات، ويظل المتهم “بريئًا حتى تثبت إدانته”، وهو أمر ضروري للحفاظ على السلام الاجتماعي. ومع ذلك، فإن التحرش ليس اعتداءً، ووجوده غالباً ما يعتمد على إدراك الضحية للوقائع. لذلك، فإن البحث الموضوعي عن الحقيقة لا يتوافق بالضرورة مع مكافحة التحرش، خاصة عند إدخال ديناميات السلطة والثقافة الأبوية في الحسابات. ولهذا السبب بالتحديد هناك حاجة ماسة لاعتماد إطار قانوني شامل في البلاد.

حاليًا، هناك ثلاثة مشاريع قوانين مختلفة بشأن التحرش الجنسي تُعرض في لبنان. تقدم الأول إلى البرلمان في عام 2017 من قبل النائب السابق غسان مخيبر وتم اعتماده لأقل من خمس دقائق قبل أن يُسحب على الفور نظرًا لمعارضة بعض النواب الذين عبروا عن مخاوف من أن القانون سيؤدي إلى الابتزاز وأعمال انتقامية ضد أصحاب العمل. تم تقديم القانون الثاني خلال فترة ولاية جان أوغاسابيان كوزير الدولة لشؤون المرأة وتم اعتماده من قبل مجلس الوزراء في 8 مارس 2017. في مراجعة نقدية سابقة لكلا مشروعي القوانين، قمت بتسليط الضوء على العديد من القضايا الإشكالية التي قد تعكس الأهداف التي حددها، وأبرزها.

مشروع قانون أوغاسابيان يعتمد تعريفًا للتحرش يعترف بالتحرش التصاعدي العمودي (بمعنى أن أصحاب العمل يمكن أن يزعموا أنهم يتعرضون للتحرش من قبل موظفيهم ورفع دعوى ضدهم بناءً على ذلك). هذا الاعتراف لا يتماشى مع نوع علاقات العمل الهرمية الموجودة في لبنان ولم يلاحظ إلا في بعض الأمثلة النادرة في القانون المقارن داخل مجتمعات تكون علاقات العمل فيها ذات طبيعة تعاونية أكثر. وهذا يمكن أن يؤدي في الواقع إلى رفع أصحاب العمل دعوى مضادة ضد الموظفين الذين يدعون أنهم يتعرضون للتحرش في العمل.

من ناحية أخرى، كلا مشروع القانونين يستخدمان صياغة إيجابية في تعريفهما للتحرش، مما يعني أن الضحية يجب ألا تثبت فقط الوقائع بل أيضًا الضرر – مثل الإجهاد النفسي – الذي لحق بها، مما يحد بشدة من إمكانية رفع دعوى قضائية في هذا الصدد بالنظر إلى تعقيدات حالات التحرش من حيث إثبات الضرر.

كلا مشروع القانونين أيضًا يعتمدان على العدالة الجنائية لحل دعاوى التحرش الجنسي. قد يكون لهذا تأثير رادع على الضحايا بالنظر إلى الطبيعة العامة والقمعية للعدالة الجنائية. يجب على المشرعين ألا يقتصر هدفهم فقط على تعويض الضحايا، بل يضمن أيضًا استدامة وظائفهم. وفي هذا الصدد، تكون الدعوى الجنائية ضد صاحب العمل مشكلة.

في عام 2012، شاركت – إلى جانب محامين وباحثين وناشطات نسويات وقضاة وأعضاء نقابات – في كتابة مشروع قانون شامل عن التحرش الجنسي والأخلاقي في مكان العمل وخارجه ضمن مشروع “مغامرات سلوى” الذي نفذته جمعية نسوية غير حكومية. تم كتابة مشروع القانون بعد شهور من البحث. يتضمن تعريفه للتحرش تخفيف العبء على الضحايا، وتفتح الخيار للجوء إلى المحاكم المدنية، وتحمي الوظائف، وتضع التزامًا على أصحاب العمل لحماية موظفيهم من التحرش وإيجاد آلية شكاوى وتحقيق داخلية للتعامل مع مزاعم التحرش. تم تقديم مشروع القانون إلى الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في عام 2018.

في هذه الأثناء، نظرًا للفراغ القانوني الموجود، هناك ثغرات معينة يمكن للضحايا استخدامها في قانون العمل لتقديم شكوى. في الواقع، تنص المادة 75 من القانون على أن الموظف يحق له ترك العمل والحصول على “تعويض الفصل” إذا ارتكب صاحب العمل أو ممثله عملاً عنيفًا ضده. منذ أوائل الخمسينيات، فسرت المحاكم اللبنانية هذه الأفعال لتشمل الأفعال الشفوية العنيفة (وقد يعتبر التحرش أحدها). في هذا الإطار ونظرًا للوضع القانوني الحالي قررنا في الأجندة القانونية صياغة دفاع نموذجي مخصص خصيصًا للضحايا التحرش في العمل. سيتم نشر الدفاع النموذجي في الأشهر المقبلة وتوزيعه مجانًا على منصتنا الإلكترونية legal-agenda.com.

You may also like